للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُلِّهَا لإِِطْلاَقِ نُصُوصِ الرُّخَصِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (١) وَحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَال: فَرَضَ اللَّهُ الصَّلاَةَ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّكُمْ فِي الْحَضَرِ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ (٢) قَالُوا: وَلأَِنَّ الْقَبِيحَ الْمُجَاوِرَ - أَيِ الْمَعْصِيَةَ - لاَ يُعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ، بِخِلاَفِ الْقَبِيحِ لِعَيْنِهِ وَضْعًا كَالْكُفْرِ، أَوْ شَرْعًا كَبَيْعِ الْحُرِّ، فَإِنَّهُ يُعْدِمُ الْمَشْرُوعِيَّةَ.

كَمَا أَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَيْسَتْ سَبَبًا لِلرُّخْصَةِ وَالسَّبَبُ هُوَ السَّفَرُ، وَالْمَعْصِيَةُ لَيْسَتْ عَيْنَ السَّفَرِ، وَقَدْ وُجِدَ السَّفَرُ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الرُّخْصَةِ.

وَأَمَّا الْعَاصِي فِي سَفَرِهِ وَهُوَ مَنْ يَقْصِدُ سَفَرًا مُبَاحًا ثُمَّ تَطْرَأُ عَلَيْهِ مَعْصِيَةٌ يَرْتَكِبُهَا فَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَتَرَخَّصُ فِي سَفَرِهِ؛ لأَِنَّهُ لَمْ يَقْصِدِ السَّفَرَ لِلْمَعْصِيَةِ وَلأَِنَّ سَبَبَ تَرَخُّصِهِ - وَهُوَ السَّفَرُ - مُبَاحٌ قَبْلَهَا وَبَعْدَهَا (٣) .


(١) سورة البقرة / ١٨٤.
(٢) حديث ابن عباس: فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربع ركعات وفي السفر ركعتين. أخرجه مسلم (١ / ٤٧٩ - ط الحلبي) .
(٣) تيسير التحرير ٢ / ٣٠٤ ط مصطفى الحلبي ١٣٥٠ هـ حاشية ابن عابدين ١ / ٥٢٧، دار إحياء التراث العربي، حاشية الدسوقي ١ / ٣٥٨ دار الفكر، مواهب الجليل ٢ / ١٤٠ دار الفكر، نهاية المحتاج ٢ / ٢٦٣ ط مصطفى الحلبي ١٩٦٧م. كشاف القناع ١ / ٥٠٥، ٥٠٦، عالم الكتب ١٩٨٣.