للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حَاجَةٍ حَتَّى انْهَدَمَ، يُجْبَرُ عَلَى إِعَادَتِهِ. بِهَذَا يَقُول جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ، وَاسْتَدَلُّوا بِأَنَّ صَاحِبَ السُّفْل أَتْلَفَ حَقَّ صَاحِبِ الْعُلْوِ بِإِتْلاَفِ مَحَلِّهِ وَيُمْكِنُ جَبْرُهُ بِالإِْعَادَةِ، فَتَجِبُ عَلَيْهِ إِعَادَتُهُ (١) . وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ لَوِ انْهَدَمَ السُّفْل وَلَوْ بِهَدْمِ مَالِكِهِ تَعَدِّيًا لَمْ يُجْبِرْهُ صَاحِبُ الْعُلْوِ عَلَى إِعَادَتِهِ لأَِجْل بِنَائِهِ عَلَيْهِ (٢) .

أَمَّا لَوِ انْهَدَمَ السُّفْل بِلاَ صُنْعِ صَاحِبِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى بِنَائِهِ لِعَدَمِ التَّعَدِّي. بِهَذَا يَقُول الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ (٣) .

قَال الْكَاسَانِيُّ: وَلِصَاحِبِ الْعُلْوِ أَنْ يَبْنِيَ السُّفْل مِنْ مَال نَفْسِهِ، ثُمَّ يَرْجِعَ بِمَا أَنْفَقَ إِنْ بَنَى بِإِذْنِ صَاحِبِ السُّفْل أَوْ إِذْنِ الْقَاضِي وَإِلاَّ فَبِقِيمَةِ الْبِنَاءِ يَوْمَ بَنَى؛ لأَِنَّ الْبِنَاءَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَإِنْ كَانَ تَصَرُّفًا فِي مِلْكِ الْغَيْرِ لَكِنْ فِيهِ ضَرُورَةٌ؛ لأَِنَّ صَاحِبَ الْعُلْوِ لاَ يُمْكِنُهُ الاِنْتِفَاعُ بِمِلْكِ نَفْسِهِ إِلاَّ بِالتَّصَرُّفِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَصَارَ مُطْلَقًا لَهُ


(١) بدائع الصنائع ٦ / ٢٦٤، وابن عابدين ٤ / ٣٥٨، والزرقاني ٦ / ٦٠، ٦١، والمغني ٤ / ٥٦٩، وكشاف القناع ٣ / ٤١٥.
(٢) القليوبي وعميرة ٢ / ٣١٦.
(٣) بدائع الصنائع ٦ / ٢٦٤، وابن عابدين ٤ / ٣٥٨، وأسنى المطالب ٢ / ٢٢٤، والمغني ٤ / ٥٦٥، ٥٦٨.