للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَيَرَى الْحَنَفِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ - وَهُوَ مَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَاتِ فُقَهَاءِ الْحَنَابِلَةِ - أَنَّ مَنْ أَحْدَثَ شُبَّاكًا أَوْ بِنَاءً جَدِيدًا وَجَعَل لَهُ شُبَّاكًا عَلَى الْمَحَل الَّذِي هُوَ مَقَرٌّ لِنِسَاءِ جَارِهِ، سَوَاءٌ كَانَ مُلاَصِقًا أَوْ بَيْنَهُمَا طَرِيقٌ فَاصِلٌ، فَإِنَّهُ يُؤْمَرُ بِرَفْعِ الضَّرَرِ، وَيُجْبَرُ عَلَى رَفْعِهِ بِصُورَةٍ تَمْنَعُ وُقُوعَ النَّظَرِ إِمَّا بِبِنَاءِ حَائِطٍ أَوْ وَضْعِ طَبْلَةٍ، لَكِنْ لاَ يُجْبَرُ عَلَى سَتْرِ الشُّبَّاكِ بِالْكُلِّيَّةِ (١) .

وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْمَالِكِ فَتْحُ كُوَّاتٍ وَشَبَابِيكَ فِي مِلْكِهِ وَلَوْ لِغَيْرِ الاِسْتِضَاءَةِ؛ لأَِنَّهُ تَصَرُّفٌ فِي مِلْكِهِ. وَقَيَّدَ الْجُرْجَانِيُّ جَوَازَ فَتْحِ الْكُوَّاتِ بِمَا إِذَا كَانَتْ عَالِيَةً لاَ يَقَعُ النَّظَرُ مِنْهَا إِلَى دَارِ جَارِهِ، إِلاَّ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا حَامِدٍ صَرَّحَ بِجَوَازِ فَتْحِ كُوَّةٍ فِي مِلْكِهِ مُشْرِفَةٍ عَلَى جَارِهِ وَعَلَى حَرِيمِهِ، وَلَيْسَ لِلْجَارِ مَنْعُهُ، لأَِنَّهُ لَوْ أَرَادَ رَفْعَ جَمِيعِ الْحَائِطِ لَمْ يُمْنَعْ مِنْهُ، فَإِذَا رَفَعَ بَعْضَهُ لَمْ يُمْنَعْ.

وَقَال بَعْضُ مُتَأَخِّرِي الشَّافِعِيَّةِ: يَنْدَفِعُ الضَّرَرُ عَنِ الْجَارِ بِأَنْ يَبْنِيَ فِي مِلْكِهِ جِدَارًا يُقَابِل الْكُوَّةَ وَيَسُدُّ ضَوْأَهَا وَرُؤْيَتَهَا فَإِنَّهُ لاَ يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ (٢) .


(١) مجلة الأحكام العدلية المادة (١٢٠٢) والبزازية بهامش الهندية ٦ / ٤١٤، وكشاف القناع ٣ / ٤١٣، والمغني٤ / ٥٧٣، ومطالب أولي النهى # ٣ / ٣٥٨.
(٢) مغني المحتاج ٢ / ١٨٦، ١٨٧، وأسنى المطالب وحاشية الرملي عليه ٢ / ٢٢٢ - ٢٢٣.