للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ تَابَ مَنْ عَلَيْهِ حَدٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُحَارِبِينَ وَأَصْلَحَ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِيهِ الْفُقَهَاءُ.

فَذَهَبَ جُمْهُورُهُمْ إِلَى أَنَّ الْحَدَّ لاَ يَسْقُطُ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ (١) } وَهَذَا عَامٌّ فِي التَّائِبِينَ وَغَيْرِهِمْ.

وَقَال تَعَالَى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا (٢) } وَلأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجَمَ مَاعِزًا وَالْغَامِدِيَّةَ وَقَطَعَ الَّذِي أَقَرَّ بِالسَّرِقَةِ، وَقَدْ جَاءُوا تَائِبِينَ يَطْلُبُونَ التَّطْهِيرَ بِإِقَامَةِ الْحَدِّ. وَقَدْ سَمَّى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِعْلَهُمْ تَوْبَةً، فَقَال فِي حَقِّ الْمَرْأَةِ: لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ قُسِمَتْ عَلَى سَبْعِينَ مِنْ أَهْل الْمَدِينَةِ لَوَسِعَتْهُمْ (٣) وَجَاءَ عَمْرُو بْنُ سَمُرَةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَال: يَا رَسُول اللَّهِ إِنِّي سَرَقْتُ جَمَلاً لِبَنِي فُلاَنٍ فَطَهِّرْنِي (٤) وَقَدْ أَقَامَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحَدَّ عَلَى هَؤُلاَءِ وَلأَِنَّ الْحَدَّ كَفَّارَةٌ فَلَمْ يَسْقُطْ بِالتَّوْبَةِ


(١) سورة النور / ٢.
(٢) سورة المائدة / ٣٨.
(٣) حديث: لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم. أخرجه مسلم (٣ / ١٣٢٤ - ط الحلبي) من حديث عمران بن حصين.
(٤) حديث: جاء عمرو بن سمرة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:. أخرجه ابن ماجه (٢ / ٨٦٣ - ط الحلبي) من حديث ثعلبة الأنصاري، وضعف إسناده البوصيري في مصباح الزجاجة (٢ / ٧٥ - ط دار الحنان) .