للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِنْ شَرِبَهَا لِعَطَشٍ فَالْحَنَابِلَةُ (١) يَقُولُونَ: إِنْ كَانَتْ مَمْزُوجَةً بِمَا يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ أُبِيحَتْ لِدَفْعِهِ عِنْدَ الضَّرُورَةِ كَمَا تُبَاحُ الْمَيْتَةُ عِنْدَ الْمَخْمَصَةِ وَكَإِبَاحَتِهَا لِدَفْعِ الْغُصَّةِ. وَقَدْ رُوِيَ فِي قِصَّةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حُذَافَةَ أَنَّهُ أَسَرَهُ الرُّومُ، فَحَبَسَهُ طَاغِيَتُهُمْ فِي بَيْتٍ فِيهِ مَاءٌ مَمْزُوجٌ بِخَمْرٍ، وَلَحْمُ خِنْزِيرٍ مَشْوِيٌّ لِيَأْكُلَهُ وَيَشْرَبَ الْخَمْرَ، وَتَرَكَهُ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ فَلَمْ يَفْعَل، ثُمَّ أَخْرَجُوهُ حِينَ خَشُوا مَوْتَهُ فَقَال: وَاَللَّهِ لَقَدْ كَانَ اللَّهُ أَحَلَّهُ لِي فَإِنِّي مُضْطَرٌّ وَلَكِنْ لَمْ أَكُنْ لأُِشْمِتَكُمْ بِدِينِ الإِْسْلاَمِ (٢) .

وَإِنْ شَرِبَهَا صِرْفًا أَوْ مَمْزُوجَةً بِشَيْءٍ يَسِيرٍ لاَ يَرْوِي مِنَ الْعَطَشِ لَمْ يُبَحْ لَهُ ذَلِكَ وَعَلَيْهِ الْحَدُّ.

وَعِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ (٣) يَحِل شُرْبُهَا لِلْعَطَشِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ} (٤) وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، الأَْصَحُّ تَحْرِيمُهَا لِعَطَشٍ


(١) المغني ٨ / ٣٠٧، منتهى الإرادات ٢ / ٤٧٥، المحرر في الفقه ص ١٦٢.
(٢) قصة عبد الله بن حذافة أوردها ابن حجر في الإصابة (٢ / ٢٩٦ - ٢٩٧ - ط السعادة) وعزاها إلى البيهقي.
(٣) المبسوط ٢٤ / ٢٨.
(٤) سورة الأنعام / ١١٩.