للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ؛ لأَِنَّهَا فِي يَدِهِ، وَعَلَيْهِ تَعَهُّدُهَا وَحِفْظُهَا، وَلأَِنَّهُ إِذَا كَانَ مَعَهَا كَانَ فِعْلُهَا مَنْسُوبًا إِلَيْهِ.

وَلَوْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ فَالضَّمَانُ عَلَيْهِمَا نِصْفَيْنِ، وَلَوْ كَانَ مَعَهَا سَائِقٌ وَقَائِدٌ مَعَ رَاكِبٍ فَهَل يَخْتَصُّ الضَّمَانُ بِالرَّاكِبِ أَوْ يَجِبُ أَثْلاَثًا؟ وَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا الأَْوَّل، وَلَوْ كَانَ عَلَيْهَا رَاكِبَانِ فَهَل يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَيْهِمَا أَوْ يَخْتَصُّ بِالأَْوَّل، دُونَ الرَّدِيفِ؟ وَجْهَانِ: أَوْجَهُهُمَا الأَْوَّل لأَِنَّ الْيَدَ لَهُمَا (١) .

أَمَّا إِذَا أَتْلَفَتِ الدَّابَّةُ أَمْوَال الْغَيْرِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا رَاكِبٌ فَهُنَا يُنْظَرُ إِلَى الزَّمَنِ الَّذِي وَقَعَ فِيهِ الإِْتْلاَفُ، فَإِنْ كَانَ نَهَارًا فَلاَ ضَمَانَ عَلَى صَاحِبِهَا، وَإِنْ كَانَ لَيْلاً ضَمِنَ، لِتَقْصِيرِهِ بِإِرْسَالِهَا لَيْلاً، بِخِلاَفِ الإِْرْسَال نَهَارًا، لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ. وَهُوَ عَلَى وَفْقِ الْعَادَةِ فِي حِفْظِ الزَّرْعِ وَنَحْوِهِ نَهَارًا وَالدَّابَّةِ لَيْلاً، وَلَوْ تَعَوَّدَ أَهْل الْبَلَدِ إِرْسَال الدَّوَابِّ وَحِفْظَ الزَّرْعِ لَيْلاً دُونَ النَّهَارِ انْعَكَسَ الْحُكْمُ، فَيَضْمَنُ مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ نَهَارًا دُونَ اللَّيْل، اتِّبَاعًا لِمَعْنَى الْخَبَرِ وَالْعَادَةِ، وَمِنْ ذَلِكَ يُؤْخَذُ مَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ أَنَّهُ لَوْ جَرَتْ عَادَةٌ بِحِفْظِهَا لَيْلاً وَنَهَارًا ضَمِنَ مُرْسِلُهَا مَا أَتْلَفَتْهُ مُطْلَقًا.

هَذَا، وَقَدِ اسْتَثْنَى الشَّافِعِيَّةُ مِنَ الدَّوَابِّ الَّتِي يَلْزَمُ الضَّمَانُ بِإِتْلاَفِهَا الْحَمَامَ وَغَيْرَهُ مِنَ الطُّيُورِ وَالنَّحْل، إِذْ أَنَّهُ لاَ ضَمَانَ بِإِتْلاَفِهَا مُطْلَقًا، وَهَذَا الْحُكْمُ حَكَاهُ فِي أَصْل الرَّوْضَةِ عَنِ ابْنِ الصَّبَّاغِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ الْعَادَةَ إِرْسَالُهَا (٢) .

هَذَا، وَقَدْ وَافَقَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ الشَّافِعِيَّةَ فِي


(١) الإقناع ٢ / ٢٠١
(٢) الإقناع ٢ / ٢٠١ - ٢٠٢