للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُفَرِّقْ بَيْنَ التَّطْلِيقَةِ الأُْولَى وَالثَّانِيَةِ، فَإِذَنْ يَكُونُ قَوْله تَعَالَى: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} قَدْ تَضَمَّنَ الْبَائِنَ وَالرَّجْعِيَّ (١) .

وَاحْتَجُّوا أَيْضًا (٢) بِمَا رَوَاهُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ مِنْ حَدِيثِ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ، وَفِيهِ: فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ (٣) . وَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ إِسْقَاطَ السُّكْنَى، فَبَقِيَ عَلَى عُمُومِهِ فِي قَوْله تَعَالَى: {أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ} (٤) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى إِلَى أَنَّ الْمُعْتَدَّةَ عَنْ طَلاَقٍ بَائِنٍ غَيْرَ حَامِلٍ، لاَ سُكْنَى لَهَا. وَبِهَذَا قَال ابْنُ عَبَّاسٍ، وَجَابِرٌ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُوسٌ، وَالْحَسَنُ وَعَمْرُو بْنُ مَيْمُونٍ، وَعِكْرِمَةُ، وَالشَّعْبِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَدَاوُدُ، لَكِنْ إِنْ أَرَادَ الْمُطَلِّقُ إِسْكَانَ الْبَائِنِ فِي مَنْزِلِهِ، أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا يَصْلُحُ لَهَا تَحْصِينًا لِفِرَاشِهِ وَلاَ مَحْذُورَ


(١) قوانين الأحكام الشرعية لابن جزي ص ٢٥١، بدائع الصنائع ٢ / ٢٣٨، وأحكام القرآن ٣ / ٤٥٩، ٤ / ٢٠٣٨، التاج والإكليل ٤ / ١٦٢ مع مواهب الجليل، مغني المحتاج ٣ / ٤٠١، المغني لابن قدامة ٧ / ٥٢٨.
(٢) القائلين بوجوب السكن لها.
(٣) حديث: " ليس لك عليه نفقة ". أخرجه مسلم (٢ / ١١١٤ ط الحلبي) من حديث فاطمة بنت قيس.
(٤) سورة الطلاق / ٦.