للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سُكُوتُهُ رِضًا وَإِذْنًا بِالْبَيْعِ؟ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ: فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: لاَ يُعْتَبَرُ هَذَا السُّكُوتُ إِذْنًا وَلاَ يَلْزَمُ بِهِ الْبَيْعُ، وَذَلِكَ لِقَاعِدَةِ: لاَ يُنْسَبُ إِلَى سَاكِتٍ قَوْلٌ (١) . وَعَلَى ذَلِكَ فَيَكُونُ الْبَيْعُ صَحِيحًا، لَكِنَّهُ مَوْقُوفٌ عَلَى إجَازَةِ الْمَالِكِ الصَّرِيحَةِ.

وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ بِيعَ مَالُهُ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَزِمَهُ الْبَيْعُ، وَلاَ يُعْذَرُ بِسُكُوتِهِ إِذَا ادَّعَاهُ. فَإِنْ مَضَى عَامٌ وَهُوَ سَاكِتٌ سَقَطَ حَقُّهُ فِي الثَّمَنِ أَيْضًا (٢) .

أَمَّا الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فَلاَ يَصِحُّ عِنْدَهُمْ بَيْعُ الْفُضُولِيِّ أَصْلاً، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي الْجَدِيدِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. قَال الشَّافِعِيَّةُ: وَلَوْ بَاعَ مَال غَيْرِهِ بِحَضْرَتِهِ وَهُوَ سَاكِتٌ لَمْ يَصِحَّ قَطْعًا (٣) وَمِثْلُهُ مَا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ، قَال الْبُهُوتِيُّ: إِنْ بَاعَ مِلْكَ غَيْرِهِ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وَلَوْ بِحَضْرَتِهِ وَسُكُوتِهِ لَمْ يَصِحَّ الْبَيْعُ وَلَوْ أَجَازَهُ بَعْدَ ذَلِكَ؛ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ (٤) ، أَيِ الْمِلْكِ وَالإِْذْنِ.


(١) الأشباه والنظائر لابن نجيم مع حاشية الحموي ص ١٨٤، ١٨٥.
(٢) الزرقاني ٥ / ١٩، والشرح الصغير للدردير ٣ / ٢٦.
(٣) نهاية المحتاج ٣ / ٣٩١.
(٤) كشاف القناع ٣ / ١٥٧