للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شُرُوطِ صِحَّةِ السَّلَمِ، فَلاَ يَصِحُّ بِدُونِهِ.

وَلأَِنَّ السَّلَمَ جُوِّزَ رُخْصَةً لِلرِّفْقِ، وَلاَ يَحْصُل الرِّفْقُ إِلاَّ بِالأَْجَل، فَإِذَا انْتَفَى الأَْجَل انْتَفَى الرِّفْقُ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْمُسْلِفَ يَرْغَبُ فِي تَقْدِيمِ الثَّمَنِ لاِسْتِرْخَاصِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَالْمُسْلَمُ إِلَيْهِ يَرْغَبُ فِيهِ لِمَوْضِعِ النَّسِيئَةِ، وَإِذَا لَمْ يُشْتَرَطِ الأَْجَل زَال هَذَا الْمَعْنَى (١) .

قَال الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ: " وَلأَِنَّ السَّلَمَ مَعْنَاهُ السَّلَفُ، وَهُوَ أَنْ يَتَقَدَّمَ رَأْسُ الْمَال وَيَتَأَخَّرَ الْمُسْلَمُ فِيهِ، فَوَجَبَ مَنْعُ مَا أَخْرَجَهُ مِنْ ذَلِكَ " (٢) .

وَلأَِنَّ السَّلَمَ الْحَال يُفْضِي إِلَى الْمُنَازَعَةِ، لأَِنَّ السَّلَمَ بَيْعُ الْمَفَالِيسِ، فَالظَّاهِرُ أَنْ يَكُونَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ عَاجِزًا عَنْ تَسْلِيمِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَرَبُّ السَّلَمِ يُطَالِبُ بِالتَّسْلِيمِ، فَيَتَنَازَعَانِ عَلَى وَجْهٍ تَقَعُ فِيهِ الْحَاجَةُ إِلَى الْفَسْخِ. وَفِيهِ إِلْحَاقُ الضَّرَرِ بِرَبِّ السَّلَمِ؛ لأَِنَّهُ سَلَّمَ رَأْسَ الْمَال إِلَى الْمُسْلَمِ إِلَيْهِ وَصَرَفَهُ فِي حَاجَتِهِ، فَلاَ يَصِل إِلَى الْمُسْلَمِ فِيهِ وَلاَ إِلَى رَأْسِ الْمَال، فَشُرِطَ الأَْجَل حَتَّى لاَ يَمْلِكَ الْمُطَالَبَةَ إِلاَّ بَعْدَ حُلُول الأَْجَل، وَعِنْدَ ذَلِكَ يَقْدِرُ عَلَى التَّسْلِيمِ


(١) الإشراف على مسائل الخلاف ١ / ٢٨٠، وانظر المغني ٤ / ٣٢١.
(٢) بداية المجتهد ٢ / ٢٢٨.