للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: " لاَ يَصِحُّ بَيْعُ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ وَلَوْ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ. . . وَلاَ يَصِحُّ أَخْذُ غَيْرِهِ، أَيْ: الْمُسْلَمِ فِيهِ مَكَانَهُ. . . وَسَوَاءٌ كَانَ الْمُسْلَمُ فِيهِ مَوْجُودًا أَوْ مَعْدُومًا وَسَوَاءٌ كَانَ الْعِوَضُ مِثْلَهُ فِي الْقِيمَةِ أَوْ أَقَل أَوْ أَكْثَرَ. وَلاَ تَصِحُّ الْحَوَالَةُ بِهِ - أَيْ بِدَيْنِ السَّلَمِ - لأَِنَّهَا مُعَاوَضَةٌ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ، فَلَمْ تَجُزْ كَالْبَيْعِ. وَلاَ الْحَوَالَةُ عَلَيْهِ؛ لأَِنَّهَا لاَ تَصِحُّ إِلاَّ عَلَى دَيْنٍ مُسْتَقِرٍّ، وَالسَّلَمُ عُرْضَةٌ لِلْفَسْخِ " (١) .

٣١ - وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ وَابْنُ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ حَيْثُ أَجَازَا بَيْعَ الْمُسْلَمِ فِيهِ قَبْل قَبْضِهِ لِمَنْ هُوَ فِي ذِمَّتِهِ بِثَمَنِ الْمِثْل أَوْ دُونَهُ لاَ أَكْثَرَ مِنْهُ حَالًّا. وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَرِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ (٢) .

قَال ابْنُ الْمُنْذِرِ: ثَبَتَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَال: " إِذَا أَسْلَفْتَ فِي شَيْءٍ إِلَى أَجَلٍ، فَإِنْ أَخَذْتَ مَا أَسْلَفْتَ فِيهِ، وَإِلاَّ فَخُذْ عِوَضًا أَنْقَصَ مِنْهُ، وَلاَ تَرْبَحْ مَرَّتَيْنِ (٣) .

وَحُجَّتُهُمْ عَلَى جَوَازِ بَيْعِهِ مِنَ الْمَدِينِ أَوِ


(١) كشاف القناع ٣ / ٢٩٣.
(٢) مختصر الفتاوى العصرية لابن تيمية ص ٣٤٥، مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٩ / ٥٠٣، ٥٠٤، ٥١٨، ٥١٩ تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته لابن القيم ٥ / ١١١ وما بعدها.
(٣) تهذيب سنن أبي داود وإيضاح مشكلاته ٥ / ١١٣.