للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السَّلَمِ الرَّهْنَ وَالضَّمِينَ، فَقَدْ أَخَذَ بِمَا لَيْسَ بِوَاجِبٍ وَلاَ مَآلُهُ إِلَى الْوُجُوبِ، لأَِنَّ ذَلِكَ قَدْ مَلَكَهُ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ. وَإِنْ أَخَذَ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ فَالرَّهْنُ إِنَّمَا يَجُوزُ بِشَيْءٍ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنْ ثَمَنِ الرَّهْنِ، وَالْمُسْلَمُ فِيهِ لاَ يُمْكِنُ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الرَّهْنِ وَلاَ مِنْ ذِمَّةِ الضَّامِنِ. وَلأَِنَّهُ لاَ يَأْمَنُ هَلاَكَ الرَّهْنِ فِي يَدِهِ بِعُدْوَانٍ، فَيَصِيرُ مُسْتَوْفِيًا لِحَقِّهِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْلَمِ فِيهِ، وَقَدْ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ أَسْلَمَ فِي شَيْءٍ فَلاَ يَصْرِفُهُ إِلَى غَيْرِهِ (١) وَلأَِنَّهُ يُقِيمُ مَا فِي ذِمَّةِ الضَّامِنِ مَقَامَ مَا فِي ذِمَّةِ الْمَضْمُونِ عَنْهُ، فَيَكُونُ فِي حُكْمِ أَخْذِ الْعِوَضِ وَالْبَدَل عَنْهُ، وَهَذَا لاَ يَجُوزُ " (٢) .

وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنِ وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَالأَْوْزَاعِيِّ كَرَاهَةُ ذَلِكَ (٣) .

وَقَال ابْنُ قُدَامَةَ: " إِذَا حَكَمْنَا بِصِحَّةِ ضَمَانِ السَّلَمِ فَلِصَاحِبِ الْحَقِّ مُطَالَبَةُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا، وَأَيُّهُمَا قَضَاهُ بَرِئَتْ ذِمَّتُهُمَا مِنْهُ، فَإِنْ سَلَّمَ الْمُسْلَمُ إِلَيْهِ الْمُسْلَمَ فِيهِ إِلَى الضَّامِنِ لِيَدْفَعَهُ إِلَى الْمُسْلِمِ جَازَ وَكَانَ وَكِيلاً. وَإِنْ


(١) حديث: " من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره ". تقدم تخريجه ف ٣٠.
(٢) المغني ٤ / ٣٤٢.
(٣) المغني ٤ / ٣٤٢، شرح منتهى الإرادات ٢ / ٢٢٢.