للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى كُل كَلاَمٍ قَبِيحٍ بَاطِلٍ، كَالْخَوْضِ فِي الْمَعَاصِي، وَالسَّبِّ، وَالشَّتْمِ، وَالرَّفَثِ، وَمَا إِلَيْهَا (١) . قَال اللَّهُ تَعَالَى فِي صِفَةِ الْمُؤْمِنِينَ: {وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} (٢) . أَيْ: كَنُّوا عَنِ الْقَبِيحِ وَتَعَفَّفُوا عَنِ التَّصْرِيحِ بِهِ، وَقِيل: مَعْنَاهُ: إِذَا صَادَفُوا أَهْل اللَّغْوِ لَمْ يَخُوضُوا مَعَهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ أَوْ فِي سَقَطِ كَلاَمِهِمْ.

وَمَا دَامَ اللَّغْوُ بِهَذَا الْمَعْنَى الَّذِي لاَ يَجْلِبُ نَفْعًا وَلاَ يَدْفَعُ إِثْمًا، وَلاَ يَتَّصِل بِقَصْدٍ صَحِيحٍ، فَإِنَّ سَمَاعَهُ كَالْخَوْضِ فِيهِ لاَ يَخْرُجُ حُكْمُهُ عَنِ الْحَظْرِ وَالْكَرَاهَةِ، تَبَعًا لِشِدَّةِ اتِّصَالِهِ بِالْمَفَاسِدِ، وَانْفِكَاكِهِ عَنْهَا (٣) .

وَالْمُؤْمِنُونَ مُطَالَبُونَ بِالإِْعْرَاضِ عَنْهُ، وَالإِْحْجَامِ عَنْ سَمَاعِهِ، وَالْخَوْضِ فِيهِ إِطْلاَقًا لأَِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَخْلاَقِهِمْ وَلاَ يَتَنَاسَبُ - فِي أَقَل صُوَرِهِ - مَعَ جِدِّهِمْ وَكَمَال نُفُوسِهِمْ.

قَال اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ


(١) أحكام القرآن ٣ / ٣١٢، ٤٢٨ - المطبعة البهية بمصر سنة ١٣٤٧ هـ، روح المعاني ٢٧ / ١٣٩، ٣٠ / ٢٢، ٢٣.
(٢) سورة الفرقان / ٧٢.
(٣) أحكام القرآن للجصاص ٣ / ٤٢٨، والمفردات في غريب القرآن ص ٤٥١، روح المعاني ١٩ / ٥١، وأحكام القرآن لابن العربي ٢ / ١٢٦.