للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

لِلسُّلْطَانِ سُلُوكُ السِّيَاسَةِ، وَهُوَ الْحَزْمُ عِنْدَنَا، وَلاَ يَخْلُو مِنَ الْقَوْل فِيهِ إِمَامٌ. وَلاَ تَقِفُ السِّيَاسَةُ عَلَى مَا نَطَقَ بِهِ الشَّرْعُ؛ إِذِ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - قَدْ قَتَلُوا وَمَثَّلُوا وَحَرَقُوا الْمَصَاحِفَ. وَنَفَى عُمَرُ نَصْرَ بْنَ حَجَّاجٍ خَوْفَ فِتْنَةِ النِّسَاءِ. وَاعْتَبَرُوا ذَلِكَ مِنَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ (١) .

وَقَدْ حَذَّرَ ابْنُ الْقَيِّمِ مِنْ إِفْرَاطِ مَنْ مَنَعَ الأَْخْذَ بِالسِّيَاسَةِ، مُكْتَفِيًا بِمَا جَاءَتْ بِهِ النُّصُوصُ، وَتَفْرِيطِ مَنْ ظَنَّ أَنَّ الأَْخْذَ بِهَا يُبِيحُ لِوَلِيِّ الأَْمْرِ فَرْضَ مَا يَرَاهُ مِنْ عُقُوبَةٍ عَلَى هَوَاهُ. . ثُمَّ قَال: وَكِلاَ الطَّائِفَتَيْنِ أُتِيَتْ مِنْ تَقْصِيرِهَا فِي مَعْرِفَةِ مَا بَعَثَ اللَّهُ بِهِ رَسُولَهُ، وَأَنْزَل بِهِ كِتَابَهُ؛ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَرْسَل رُسُلَهُ، وَأَنْزَل كُتُبَهُ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ، وَهُوَ الْعَدْل الَّذِي قَامَتْ بِهِ الأَْرْضُ وَالسَّمَوَاتُ. فَإِنْ ظَهَرَتْ أَمَارَاتُ الْعَدْل وَأَسْفَرَ وَجْهُهُ بِأَيِّ طَرِيقٍ كَانَ، فَثَمَّ شَرْعُ اللَّهِ وَدِينُهُ، فَأَيُّ طَرِيقٍ اسْتُخْرِجَ بِهَا الْعَدْل وَالْقِسْطُ، فَهِيَ مِنَ الدِّينِ (٢) .


(١) الطرق الحكمية ١٣، والفروع - أبو عبد الله بن مفلح - ٦ / ١١٥، ١١٦ - (ط٤ - عالم الكتب - بيروت - ١٤٠٥ هـ - ١٩٨٥م) .
(٢) إعلام الموقعين ٤ / ٣٧٢ - ٣٧٣، والطرق الحكمية ١٣ - ١٤.