للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَانَ هَدْيُهُ الْمُعْتَادُ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ نَهَى عَنِ الشُّرْبِ قَائِمًا (١) ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ الَّذِي شَرِبَ قَائِمًا أَنْ يَسْتَقِيءَ (٢) ، وَصَحَّ عَنْهُ أَنَّهُ شَرِبَ قَائِمًا (٣) .

قَال النَّوَوِيُّ: الصَّوَابُ أَنَّ النَّهْيَ مَحْمُولٌ عَلَى كَرَاهَةِ التَّنْزِيهِ. أَمَّا شُرْبُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَائِمًا فَبَيَانٌ لِلْجَوَازِ، فَلاَ إِشْكَال وَلاَ تَعَارُضَ. وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ يَتَعَيَّنُ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ.

ثُمَّ قَال: فَإِنْ قِيل: كَيْفَ يَكُونُ الشُّرْبُ قَائِمًا مَكْرُوهًا وَقَدْ فَعَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَالْجَوَابُ أَنَّ فِعْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ بَيَانًا لِلْجَوَازِ لاَ يَكُونُ مَكْرُوهًا بَل الْبَيَانُ وَاجِبٌ عَلَيْهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، وَطَافَ عَلَى بَعِيرٍ، مَعَ أَنَّ الإِْجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْوُضُوءَ ثَلاَثًا ثَلاَثًا وَالطَّوَافَ مَاشِيًا أَكْمَل. وَنَظَائِرُ هَذَا غَيْرُ مُنْحَصِرَةٍ، فَكَانَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَبِّهُ عَلَى جَوَازِ الشَّيْءِ مَرَّةً أَوْ مَرَّاتٍ وَيُوَاظِبُ عَلَى الأَْفْضَل


(١) حديث: " نهى عن الشرب قائما ". أخرجه مسلم (٣ / ١٦٠٠ - ط الحلبي) من حديث أنس.
(٢) حديث: " أمر الذي شرب قائما أن يستقئ ". أخرجه مسلم (٣ / ١٦٠١ - ط الحلبي) من حديث أبي هريرة.
(٣) حديث: " صح عنه أنه شرب قائما ". أخرجه البخاري (الفتح ١٠ / ٨١ - ط السلفية) ومسلم (٣ / ١٦٠١ - ط الحلبي) من حديث ابن عباس.