للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَالْفِقْهِ فِي ذَلِكَ.

وَهَل كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَعَبَّدُ قَبْل الْمَبْعَثِ بِشَرْعِ أَحَدٍ مِنَ الأَْنْبِيَاءِ؟ مِنْهُمْ مَنْ قَال: كَانَ يَتَعَبَّدُ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَفَى ذَلِكَ.

وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الاِخْتِلاَفِ الأُْصُولِيِّ وَالْكَلاَمِيِّ فَإِنَّ مَا هُوَ مِنَ الشَّرَائِعِ السَّابِقَةِ وَإِنْ وَرَدَ مَا يَدُل عَلَى إِقْرَارِهِ فَهُوَ شَرْعٌ لَنَا وَإِنْ وَرَدَ مَا يَدُل عَلَى نَسْخِهِ فَلَيْسَ شَرْعًا لَنَا بِالاِتِّفَاقِ.

وَإِنْ سَكَتَ شَرْعُنَا عَنْ إِقْرَارِهِ وَنَسْخِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ.

فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ، وَالْمَالِكِيَّةُ، وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ شَرْعٌ لَنَا، ثَابِتُ الْحُكْمِ عَلَيْنَا، إِذَا قَصَّهُ اللَّهُ عَلَيْنَا فِي الْقُرْآنِ مِنْ غَيْرِ إِنْكَارٍ، وَلاَ تَقْرِيرٍ، فَلاَ نَأْخُذُ مِنْ أَحْبَارِهِمْ وَلاَ مِنْ كُتُبِهِمْ (١) .

وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ} ، إِلَى قَوْلِهِ: {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} (٢) .

وقَوْله تَعَالَى: {ثُمَّ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} (٣) .

وَقَالُوا: إِنَّ هَذِهِ الآْيَاتِ وَغَيْرَهَا تَدُل عَلَى


(١) رد المحتار ١ / ٦٢، شرح العناية على الهداية مع فتح القدير ١ / ٤٣٧، الفصول في الأصول ١ / ١٩، تبصرة الحكام ٢ / ٩٣، مطالب أولي النهى ٤ / ٢٠٦.
(٢) سورة الأنعام الآيات ٨٣ - ٩٠.
(٣) سورة النحل / ١٢٣.