للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَمَّا أَبُو يُوسُفَ فَيَكْتَفِي بِالتَّسَاوِي فِي أَهْلِيَّةِ الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ، وَلاَ يَعْتَدُّ بِتَفَاوُتِ الأَْهْلِيَّةِ فِيمَا عَدَاهُمَا، وَلِذَا فَهُوَ يُصَحِّحُ شَرِكَةَ الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالذِّمِّيِّ - قِيَاسًا عَلَى الْمُفَاوَضَةِ بَيْنَ الْكِتَابِيِّ وَالْمَجُوسِيِّ، فَإِنَّهَا تَصِحُّ بِرَغْمِ التَّفَاوُتِ فِي أَهْلِيَّةِ التَّصَرُّفِ، بَعْدَ التَّسَاوِي فِي أَهْلِيَّةِ الْوَكَالَةِ وَالْكَفَالَةِ، وَلاَ يَرَى أَبُو يُوسُفَ فَرْقًا، إِلاَّ مِنْ حَيْثُ الْكَرَاهَةُ، فَإِنَّهُ يَكْرَهُ الشَّرِكَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ؛ لأَِنَّ الْكَافِرَ لاَ يَهْتَدِي إِلَى وُجُوهِ التَّصَرُّفَاتِ الْمَشْرُوعَةِ فِي الإِْسْلاَمِ، وَإِنِ اهْتَدَى فَإِنَّهُ لاَ يَتَحَرَّزُ مِنْ غَيْرِهَا كَالرِّبَا وَمَا إِلَيْهِ، فَيَتَوَرَّطُ الْمُسْلِمُ بِمُشَارَكَتِهِ فِي كُل مَا لاَ يَحِل (١) .

وَيَرَى الشَّافِعِيَّةُ كَرَاهَةَ الشَّرِكَةِ بَيْنَ الْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ، فَنَفَوْا الْكَرَاهَةَ بِشَرْطِ أَنْ لاَ يَتَصَرَّفَ الْكَافِرُ إِلاَّ بِحُضُورِ شَرِيكِهِ الْمُسْلِمِ؛ لأَِنَّ ارْتِكَابَهُ الْمَحْظُورَاتِ الشَّرْعِيَّةِ فِي تَصَرُّفَاتِهِ لِلشَّرِكَةِ يُؤْمَنُ حِينَئِذٍ. ثُمَّ مَا لاَ يَحْضُرُهُ مِنْهَا شَرِيكُهُ الْمُسْلِمُ، وَتَبَيَّنَ وُقُوعُهُ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ مِنَ الْوُجْهَةِ الإِْسْلاَمِيَّةِ - كَعُقُودِ الرِّبَا، وَشِرَاءِ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ - فَقَدْ نَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ - مَعَ فَسَادِهِ - يَكُونُ فِيهِ الضَّمَانُ عَلَى الْكَافِرِ. وَمَا لَمْ يَتَبَيَّنْ فَالأَْصْل فِيهِ


(١) فتح القدير ٥ / ٧، ٨، رد المحتار ٣ / ٣٤٨.