للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

هُوَ عَرْضٌ مِنْ وَجْهٍ - لأَِنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ، ثَمَنٌ مِنْ وَجْهٍ - لأَِنَّهُ يَصِحُّ الشِّرَاءُ بِهِ دَيْنًا فِي الذِّمَّةِ، شَأْنَ الأَْثْمَانِ: فَنَاسَبَ أَنْ يُعْمَل فِيهِ بِكِلاَ الشَّبَهَيْنِ، كُلٌّ فِي حَالٍ - فَأُعْمِل الشَّبَهُ بِالْعُرُوضِ قَبْل الْخَلْطِ، وَمُنِعَ انْعِقَادُ الشَّرِكَةِ فِيهِ حِينَئِذٍ، وَالشَّبَهُ بِالأَْثْمَانِ بَعْدَهُ، فَصُحِّحَتْ إِذْ ذَاكَ الشَّرِكَةُ فِيهِ؛ لأَِنَّ شَرِكَةَ الْمِلْكِ تَتَحَقَّقُ بِالْخَلْطِ، فَيُعْتَضَدُ بِهَا جَانِبُ شَرِكَةِ الْعَقْدِ، وَإِنَّمَا قُصِرَ التَّصْحِيحُ عَلَى حَالَةِ اتِّحَادِ الْجِنْسِ؛ لأَِنَّ الْخَلْطَ بِغَيْرِ الْجِنْسِ - كَخَلْطِ الْقَمْحِ بِالشَّعِيرِ، وَالزَّيْتِ بِالسَّمْنِ - يُخْرِجُ الْمِثْلِيَّ عَنْ مِثْلِيَّتِهِ، وَهَذَا يُؤَدِّي إِلَى جَهَالَةِ الأَْصْل وَالرِّبْحِ وَالْمُنَازَعَةِ عِنْدَ الْقِسْمَةِ، لِمَكَانِ الْحَاجَةِ إِلَى تَقْوِيمِهِ إِذْ ذَاكَ لِمَعْرِفَةِ مِقْدَارِهِ وَالتَّقْوِيمُ حَزْرٌ وَتَخْمِينٌ، وَيَخْتَلِفُ بِاخْتِلاَفِ الْمُقَوِّمِينَ، بِخِلاَفِ الْمِثْلِيِّ فَإِنَّهُ يَحْصُل مِثْلُهُ.

وَذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَابِلَةِ وَبَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ إِلَى اشْتِرَاطِ أَنْ يَكُونَ رَأْسُ الْمَال مِنَ النَّقْدِ الْمَضْرُوبِ. بِأَيَّةِ سِكَّةٍ، وَيُصَرِّحُ ابْنُ قُدَامَةَ مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِأَنْ لاَ تَسَامُحَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْغِشِّ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ فِي حُدُودِ الْقَدْرِ الضَّرُورِيِّ الَّذِي لاَ غِنَى لِصِنَاعَةِ النَّقْدِ عَنْهُ (١) .

وَأَمَّا الْمَالِكِيَّةُ: فَتَصِحُّ الشَّرِكَةُ عِنْدَهُمْ إِذَا


(١) نهاية المحتاج ٥ / ٦، المغني لابن قدامة ٥ / ١٢٦، مطالب أولي النهى ٣ / ٤٩٧.