للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حَلْقِ شَعْرِ رَأْسِ الْمَيْتِ وَلاَ تَسْرِيحِهِ، لأَِنَّ حَلْقَ الشَّعْرِ يَكُونُ لِلزِّينَةِ أَوْ لِلنُّسُكِ وَالْمَيْتُ لاَ نُسُكَ عَلَيْهِ وَلاَ يُزَيَّنُ.

وَعَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا مَرَّتْ بِقَوْمٍ يُسَرِّحُونَ شَعْرَ مَيْتٍ فَنَهَتْهُمْ عَنْ ذَلِكَ وَقَالَتْ: عَلاَمَ تَنُصُّونَ مَيِّتَكُمْ. أَيْ: لاَ تُسَرِّحُوا رَأْسَهُ بِالْمُشْطِ؛ لأَِنَّهُ يَقْطَعُ الشَّعْرَ وَيَنْتِفُهُ، وَعَبَّرَتْ بِتَنُصُّونَ وَهُوَ الأَْخْذُ بِالنَّاصِيَةِ، أَيْ مِنْهَا، تَنْفِيرًا عَنْهُ وَيَدُل لِعَدَمِ الْجَوَازِ الْقِيَاسُ عَلَى الْخِتَانِ حَيْثُ يُخْتَنُ الْحَيُّ وَلاَ يُخْتَنُ الْمَيِّتُ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمُخْتَارِ وَالْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ حَلْقِ شَعْرِ رَأْسِ الْمَيْتِ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَقَيَّدَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْمَشْهُورِ عِنْدَهُمُ الْجَوَازَ بِمَا إِذَا كَانَ مِنْ عَادَةِ الْمَيِّتِ حَلْقُهُ أَمَّا إِذَا كَانَ لاَ يُعْتَادُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ ذَا جَمَّةٍ فَلاَ يُحْلَقُ بِلاَ خِلاَفٍ عِنْدَهُمْ، وَاسْتَدَلُّوا لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِأَنَّ الشَّعْرَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَيِّتِ، وَأَجْزَاؤُهُ مُحْتَرَمَةٌ؛ فَلاَ تُنْتَهَكُ بِهَذَا، وَلَمْ يَصِحَّ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالصَّحَابَةِ فِي هَذَا شَيْءٌ فَكُرِهَ فِعْلُهُ.

وَلِلشَّافِعِيَّةِ قَوْلاَنِ آخَرَانِ: الأَْوَّل: أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ وَلاَ يُسْتَحَبُّ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُسْتَحَبُّ، وَفِي اللِّحْيَةِ وَالشَّارِبِ تَفْصِيلٌ يُنْظَرُ فِي (شَارِبٌ، وَلِحْيَةٌ) .