للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

اجْتَمَعَ النَّاسُ لِخَصْفِ النِّعَال فِيهِ كُرِهَ، فَكَذَلِكَ الْبَيْعُ وَإِنْشَادُ الشِّعْرِ وَالتَّحَلُّقُ قَبْل الصَّلاَةِ فَمَا غَلَبَ عَلَيْهِ كُرِهَ وَمَا لاَ فَلاَ. وَهَذَا نَظَرَ مَا قَالَهُ الْقُرْطُبِيُّ (١) .

وَنَقَل الزَّرْكَشِيُّ عَنِ النَّوَوِيِّ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَلاَّ يُنْشَدَ فِي الْمَسْجِدِ شِعْرٌ لَيْسَ فِيهِ مَدْحٌ لِلإِْسْلاَمِ وَلاَ حَثٌّ عَلَى مَكَارِمِ الأَْخْلاَقِ وَنَحْوِهِ، فَإِنْ كَانَ لِغَيْرِ ذَلِكَ حَرُمَ.

وَنُقِل عَنِ الصَّيْمَرِيِّ قَوْلُهُ: كَرِهَ قَوْمٌ إِنْشَادَ الشِّعْرِ فِي الْمَسَاجِدِ وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَنَا بِمَكْرُوهٍ، وَقَدْ كَانَ حَسَّانُ بْنُ ثَابِتٍ يُنْشِدُ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الشِّعْرَ فِي الْمَسْجِدِ، وَأَنْشَدَهُ كَعْبُ بْنُ زُهَيْرٍ قَصِيدَتَيْنِ فِي الْمَسْجِدِ، لَكِنْ لاَ يُكْثِرُ مِنْهُ فِي الْمَسْجِدِ، قَال الزَّرْكَشِيُّ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الشِّعْرِ الْمُبَاحِ أَوِ الْمُرَغِّبِ فِي الآْخِرَةِ أَوِ الْمُتَعَلِّقِ بِمَدْحِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَذِكْرِ بَعْضِ مَنَاقِبِهِ وَمَآثِرِهِ لاَ مُطْلَقِ الشِّعْرِ، وَقَال الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ: لَعَل الْحَدِيثَ فِي الْمَنْعِ مِنْ إِنْشَادِ الشِّعْرِ فِي الْمَسْجِدِ مَحْمُولٌ عَلَى مَا فِيهِ هَجْوٌ أَوْ مَدْحٌ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَإِنَّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مُدِحَ وَأُنْشِدَ مَدْحُهُ فِي الْمَسْجِدِ فَلَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ، وَقَال ابْنُ بَطَّالٍ: لَعَلَّهُ كَانَ فِيمَا يَتَشَاغَل النَّاسُ بِهِ حَتَّى يَكُونَ


(١) رد المحتار ١ / ٤٤٤، وتفسير القرطبي ١٢ / ٢٧١.