للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَال عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ لِعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ: يَا أَمِيرَ الْمُومِنِينَ، إِنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مُدِحَ وَأَعْطَى وَفِيهِ أُسْوَةٌ لِكُل مُسْلِمٍ، قَال: وَمَنْ مَدَحَهُ؟ قَال: عَبَّاسُ بْنُ مِرْدَاسٍ السُّلَمِيُّ فَكَسَاهُ حُلَّةً قَطَعَ بِهَا لِسَانَهُ (١) . أَمَّا الشَّاعِرُ الَّذِي يُؤْمَنُ شَرُّهُ، وَلاَ يُعْطَى مُدَارَاةً لَهُ وَقَطْعًا لِلِسَانِهِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا يُدْفَعُ إِلَيْهِ حَلاَلٌ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَفَعَ بُرْدَتَهُ إِلَى كَعْبِ بْنِ زُهَيْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لَمَّا امْتَدَحَهُ بِقَصِيدَتِهِ الْمَشْهُورَةِ (٢) .

وَلَمَّا اسْتُخْلِفَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ وَفَدَ عَلَيْهِ الشُّعَرَاءُ كَمَا كَانُوا يَفِدُونَ عَلَى الْخُلَفَاءِ قَبْلَهُ، فَأَقَامُوا بِبَابِهِ أَيَّامًا لاَ يَأْذَنُ لَهُمْ بِالدُّخُول، حَتَّى قَدِمَ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَاةَ وَكَانَتْ لَهُ مَكَانَةٌ، فَتَعَرَّضَ لَهُ جَرِيرٌ وَطَلَبَ شَفَاعَتَهُ، فَاسْتَأْذَنَ لَهُمْ، فَلَمْ يَأْذَنْ إِلاَّ لِجَرِيرٍ، فَلَمَّا مَثَل بَيْنَ يَدَيْهِ قَال لَهُ: اتَّقِ اللَّهَ وَلاَ تَقُل إِلاَّ حَقًّا، فَمَدَحَهُ بِأَبْيَاتٍ، فَقَال عُمَرُ: يَا جَرِيرُ، لَقَدْ وُلِّيتَ هَذَا الأَْمْرَ وَمَا


(١) تفسير ابن العربي ٣ / ٤٦٦. وحديث عدي بن أرطاة. . . . أخرجه ابن قدامة في " إثبات صفة العلو " (ص ٦٩ - ط الدار السلفية) وضعفه الذهبي في " العلو للعلي الغفار " (ص ٤٢ - ط المكتبة السلفية) .
(٢) رد المحتار ٥ / ٢٧٢. وحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم دفع بردته إلى كعب بن زهير. . . . أورده ابن حجر في الإصابة (٣ / ٢٩٥ - ط مطبعة السعادة) إلى ابن قانع.