للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمُعَيَّنِ، وَعَلَيْهِ فَيُفَارِقُ عَدَمَ جَوَازِ لَعْنِهِ بِأَنَّ اللَّعْنَ الإِْبْعَادُ مِنَ الْخَيْرِ، وَلاَعِنُهُ لاَ يَتَحَقَّقُ بَعْدَهُ مِنْهُ فَقَدْ يُخْتَمُ لَهُ بِخَيْرٍ.

وَقَالُوا: تُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ كَذَلِكَ إِذَا شَبَّبَ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ بِأَنْ ذَكَرَ صِفَاتِهَا مِنْ نَحْوِ حُسْنٍ وَطُولٍ وَغَيْرِ ذَلِكَ، لِمَا فِيهِ مِنَ الإِْيذَاءِ، وَكَذَلِكَ إِذَا هَتَكَ السِّتْرَ وَوَصَفَ أَعْضَاءَهَا الْبَاطِنَةَ بِمَا حَقُّهُ الإِْخْفَاءُ وَلَوْ كَانَ مِنْ حَلِيلَتِهِ، وَمِثْل الْمَرْأَةِ فِي ذَلِكَ الأَْمْرَدُ إِذَا صَرَّحَ بِعِشْقِهِ، فَإِذَا لَمْ يُعَيِّنِ الشَّاعِرُ مَنْ يُشَبِّبُ بِهِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ لأَِنَّ التَّشْبِيبَ صَنْعَةٌ، وَغَرَضُ الشَّاعِرِ تَحْسِينُ صَنْعَتِهِ لاَ تَحْقِيقُ الْمَذْكُورِ فِيهِ، فَلَيْسَ ذِكْرُ شَخْصٍ مَجْهُولٍ تَعْيِينًا، لَكِنَّ بَعْضَ الشُّعَرَاءِ قَدْ يَنْصِبُونَ قَرَائِنَ تَدُل عَلَى تَعْيِينِ الْمُشَبَّبِ بِهِ، وَعِنْدَئِذٍ يَكُونُ التَّشْبِيبُ مَعَ هَذِهِ الْقَرَائِنِ فِي حُكْمِ التَّشْبِيبِ بِمُعَيَّنٍ.

وَتُرَدُّ شَهَادَةُ الشَّاعِرِ كَذَلِكَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ إِنْ أَكْثَرَ الْكَذِبَ فِي شِعْرِهِ، وَجَاوَزَ فِي ذَلِكَ الْحَدَّ بِحَيْثُ لاَ يُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى الْمُبَالَغَةِ (١) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: الشَّاعِرُ مَتَى كَانَ يَهْجُو الْمُسْلِمِينَ أَوْ يَمْدَحُ بِالْكَذِبِ أَوْ يَقْذِفُ مُسْلِمًا أَوْ مُسْلِمَةً فَإِنَّ شَهَادَتَهُ تُرَدُّ، وَسَوَاءٌ قَذَفَ بِنَفْسِهِ أَوْ بِغَيْرِهِ (٢) .


(١) نهاية المحتاج ٨ / ٢٨٣، الجمل ٥ / ٣٨٢، أسنى المطالب ٤ / ٣٤٦، فتح الباري ١٠ / ٥٤٦.
(٢) المغني ٩ / ١٧٨.