للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَبَيْعُهَا ذَرِيعَةٌ إِلَى اقْتِنَائِهَا، وَاِتِّخَاذِهَا، وَلِذَلِكَ يَحْرُمُ الْبَيْعُ (١) .

وَلأَِنَّ مِنْ شُرُوطِ الْبَيْعِ، كَمَا يَقُول الْفُقَهَاءُ: أَنْ يَكُونَ الْمَبِيعُ غَيْرَ مَنْهِيٍّ عَنْهُ، وَالأَْزْلاَمُ - بِصِفَتِهَا وَهَيْئَتِهَا، مِنْ كَوْنِهَا الْقِدَاحَ الَّتِي كُتِبَ عَلَيْهَا الأَْمْرُ أَوِ النَّهْيُ لِتَكُونَ هِيَ الْمُوَجِّهَةُ - مَنْهِيٌّ عَنْهَا، فَيَنْطَبِقُ عَلَيْهَا مَا يَنْطَبِقُ عَلَى الصَّنَمِ وَالصَّلِيبِ، مِنْ حُرْمَةِ بَيْعِهَا وَاقْتِنَائِهَا وَالتَّعَامُل فِيهَا.

وَيَقُول بَعْضُ الْفُقَهَاءِ: مَا لاَ يَجُوزُ اسْتِعْمَالُهُ لاَ يَجُوزُ اتِّخَاذُهُ، وَلاَ تَحِل الأُْجْرَةُ لِصُنْعِ مِثْل هَذِهِ الأَْشْيَاءِ، فَفِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: مَنِ اسْتَأْجَرَ رَجُلاً لِيَنْحِتَ لَهُ أَصْنَامًا، لاَ شَيْءَ لَهُ.

وَالْمَادَّةُ الَّتِي تُصْنَعُ مِنْهَا الأَْزْلاَمُ - سَوَاءٌ أَكَانَتْ حِجَارَةً أَمْ خَشَبًا أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ - لاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا لِمَنْ يَتَّخِذُهَا لِمِثْل ذَلِكَ. فَلاَ يَصِحُّ عِنْدَ جُمْهُورِ الْفُقَهَاءِ بَيْعُ الْعِنَبِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ خَمْرًا، وَلاَ بَيْعُ بُنْدُقٍ (٢) لِقِمَارٍ، وَلاَ دَارٌ لِتُعْمَل كَنِيسَةً، وَلاَ بَيْعُ الْخَشَبَةِ لِمَنْ يَتَّخِذُهَا صَلِيبًا، وَلاَ بَيْعُ النُّحَاسِ لِمَنْ يَتَّخِذُهُ نَاقُوسًا. وَكَذَلِكَ كُل شَيْءٍ عُلِمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ قَصَدَ بِهِ أَمْرًا لاَ يَجُوزُ (٣) .

وَفِي الْمَبْسُوطِ فِي بَابِ الأَْشْرِبَةِ قَوْله تَعَالَى: {إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَْنْصَابُ وَالأَْزْلاَمُ رِجْسٌ مِنْ عَمَل الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ} . (٤) قَال السَّرَخْسِيُّ بَعْدَ


(١) زاد المعاد ٤ / ٢٤٥ ط مصطفى الحلبي.
(٢) البندق هنا: كرة في حجم البندقة التي تؤكل، يرمى بها في القتال والصيد (المعجم الوسيط) .
(٣) المهذب ١ / ١٩، ٢٦٨، ٣٨١، ومنتهى الإرادات ٢ / ١٥٥ ط دار الفكر، والمغني ٤ / ٣٨٣، ٥ / ٣٠١ ط الرياض، ومغني المحتاج ٢ / ١٢ ط مصطفى الحلبي، والفتاوى الهندية ٤ / ٤٥٠ ط المكتبة الإسلامية، والحطاب ٤ / ٢٥٤، ٢٥٨ ط النجاح ليبيا، والخرشي ٥ / ١١ ط دار صادر.
(٤) سورة المائدة / ٩٠