للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَحْتَمِل الْوُجُودَ وَالْعَدَمَ فَلاَ يَسْتَقِرُّ إِلاَّ بِالطَّلَبِ عَلَى الْمُوَاثَبَةِ (١) .

وَاسْتَثْنَى الْحَنَفِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الْمُوَاثَبَةِ حَالاَتٍ يُعْذَرُ فِيهَا بِالتَّأْخِيرِ كَمَا إِذَا سَمِعَ بِالْبَيْعِ فِي حَال سَمَاعِهِ خُطْبَةَ الْجُمُعَةِ أَوْ سَلَّمَ عَلَى الْمُشْتَرِي قَبْل طَلَبِ الشُّفْعَةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (٢) .

وَكَذَلِكَ إِذَا كَانَ هُنَاكَ حَائِلٌ بِأَنْ كَانَ بَيْنَهُمَا نَهْرٌ مَخُوفٌ، أَوْ أَرْضٌ مَسْبَعَةٌ، أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمَوَانِعِ، لاَ تَبْطُل شُفْعَتُهُ بِتَرْكِ الْمُوَاثَبَةِ إِلَى أَنْ يَزُول الْحَائِل (٣) .

٣٠ - وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الشُّفْعَةَ لَيْسَتْ عَلَى الْفَوْرِ بَل وَقْتُ وُجُوبِهَا مُتَّسِعٌ، وَاخْتَلَفَ قَوْل مَالِكٍ فِي هَذَا الْوَقْتِ هَل هُوَ مَحْدُودٌ أَمْ لاَ؟ فَمَرَّةً قَال: هُوَ غَيْرُ مَحْدُودٍ وَأَنَّهَا لاَ تَنْقَطِعُ أَبَدًا، إِلاَّ أَنْ يُحْدِثَ الْمُبْتَاعُ بِنَاءً أَوْ تَغْيِيرًا كَثِيرًا بِمَعْرِفَتِهِ وَهُوَ حَاضِرٌ عَالِمٌ سَاكِتٌ، وَمَرَّةً حَدَّدَ هَذَا الْوَقْتَ بِسَنَةٍ، وَهُوَ الأَْشْهَرُ كَمَا يَقُول ابْنُ رُشْدٍ وَقِيل أَكْثَرُ مِنَ السَّنَةِ وَقَدْ قِيل عَنْهُ إِنَّ الْخَمْسَةَ الأَْعْوَامَ لاَ تَنْقَطِعُ فِيهَا الشُّفْعَةُ (٤) .

٣١ - وَالأَْظْهَرُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّ الشُّفْعَةَ يَجِبُ طَلَبُهَا عَلَى الْفَوْرِ لأَِنَّهَا حَقٌّ ثَبَتَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ


(١) البدائع ٦ / ٢٧١١، الهداية مع فتح القدير ٩ / ٣٨٢.
(٢) ابن عابدين ٦ / ٢٢٤، ٢٢٥.
(٣) البدائع ٦ / ٢٧١٣، الهداية مع الفتح ٩ / ٣٨٤، والزيلعي ٥ / ٢٤٢.
(٤) بداية المجتهد لابن رشد ٢ / ٢٦٣ وما بعدها، والدسوقي على الشرح الكبير ٣ / ٤٨٤.