للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَإِذَا كَانَ اللَّهُ تَعَالَى شَكَرَ الْمُحْسِنِينَ وَهُوَ غَنِيٌّ عَنْهُمْ فَالْعَبْدُ أَوْلَى بِأَنْ يَشْكُرَ لِمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْهِ، وَقَدْ أَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِالشُّكْرِ لِلْوَالِدَيْنِ وَقَرَنَ ذَلِكَ بِالشُّكْرِ لَهُ لِعِظَمِ فَضْلِهِمَا فَقَال: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ (١) } وَالشُّكْرُ بِالْفِعْل هُوَ الأَْصْل، بِأَنْ يَجْزِيَ بِالْمَعْرُوفِ مَعْرُوفًا، قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أُولِيَ نِعْمَةً فَلْيَشْكُرْهَا، فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُظْهِرْ ثَنَاءً حَسَنًا (٢) .

قَال الْحَلِيمِيُّ: وَهَذَا يَدُل عَلَى أَنَّ الشُّكْرَ الْمَذْكُورَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أُرِيدَ بِهِ الشُّكْرُ بِالْفِعْل وَلَوْلاَ ذَلِكَ لَمْ يَقُل فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ فَلْيُظْهِرْ ثَنَاءً حَسَنًا فَإِذَا كَانَتِ النِّعْمَةُ فِعْلاً كَانَ الشُّكْرُ إِحْسَانًا مَكَانَ إِحْسَانٍ، فَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ قَامَ الذِّكْرُ الْحَسَنُ وَالثَّنَاءُ وَالْبِشْرُ مَقَامَهُ (٣) .

وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَال: إِنَّ نَاسًا مِنَ الْمُهَاجِرِينَ قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ، مَا رَأَيْنَا قَوْمًا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً فِي قَلِيلٍ وَلاَ أَحْسَنَ بَذْلاً مِنْ كَثِيرٍ مِنْهُمْ، لَقَدْ كَفَوْنَا الْمُؤْنَةَ،


(١) سورة لقمان / ١٤.
(٢) حديث: " من أولي نعمة فليشكرها. . . " ورد بلفظ: " من أعطي عطاء فوجد فليجز به، ومن لم يجد فليثن فإن من أثنى فقد شكر ومن كتم فقد كفر " أخرجه الترمذي (٤ / ٣٧٩ - ط الحلبي) من حديث جابر بن عبد الله، وقال: " حديث حسن ".
(٣) المنهاج في شعب الإيمان ٢ / ٥٥٦.