للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فُلاَنٍ مِائَةَ دِينَارٍ - مَثَلاً - فِيمَا أَعْلَمُ أَوْ فِيمَا أَظُنُّ، أَوْ حَسَبَ ظَنِّي لَمْ تُقْبَل شَهَادَتُهُ لِلشَّكِّ الَّذِي دَاخَلَهَا مِنَ الزِّيَادَةِ عَلَى لَفْظِهَا؛ لأَِنَّ رُكْنَ الشَّهَادَةِ لَفْظُ أَشْهَدُ لاَ غَيْرُ لِتَضَمُّنِهِ مَعْنَى الشَّهَادَةِ وَالْقَسَمُ وَالإِْخْبَارُ لِلْحَال فَكَأَنَّهُ يَقُول: أُقْسِمُ بِاللَّهِ لَقَدِ اطَّلَعْتُ عَلَى ذَلِكَ وَأَنَا أُخْبِرُ بِهِ، وَمِنْ أَجْل ذَلِكَ تَعَيَّنَ لَفْظُ أَشْهَدُ (١) .

وَقَدْ بَيَّنَ سَحْنُونٌ - مِنَ الْمَالِكِيَّةِ - أَنَّ الشُّهُودَ لَوْ شَهِدُوا عَلَى امْرَأَةٍ بِنِكَاحٍ أَوْ إِقْرَارٍ أَوْ إِبْرَاءٍ وَسَأَل الْخَصْمُ إِدْخَالَهَا فِي نِسَاءٍ لِلتَّعَرُّفِ عَلَيْهَا مِنْ بَيْنِهِنَّ فَقَالُوا: شَهِدْنَا عَلَيْهَا عَنْ مَعْرِفَتِهَا بِعَيْنِهَا وَنَسَبِهَا وَلاَ نَدْرِي هَل نَعْرِفُهَا الْيَوْمَ وَقَدْ تَغَيَّرَتْ حَالُهَا فَلاَ نَتَكَلَّفُ ذَلِكَ، فَلاَ بُدَّ وَالْحَالَةُ هَذِهِ - مِنَ التَّعَرُّفِ عَلَيْهَا وَإِلاَّ رُدَّتْ شَهَادَتُهُمْ لِلشَّكِّ، أَمَّا لَوْ قَالُوا: نَخَافُ أَنْ تَكُونَ تَغَيَّرَتْ، فَالْوَاجِبُ أَنْ يُقَال لَهُمْ: إِنْ شَكَكْتُمْ وَقَدْ أَيْقَنْتُمْ أَنَّهَا ابْنَةُ فُلاَنٍ وَلَيْسَ لِفُلاَنٍ هَذَا إِلاَّ بِنْتٌ وَاحِدَةٌ مِنْ حِينِ شَهِدُوا عَلَيْهَا إِلَى الْيَوْمِ جَازَتِ الشَّهَادَةُ - فِي هَذِهِ الْحَالَةِ - وَقُبِلَتْ (٢) .

وَمِمَّا تَجْدُرُ الإِْشَارَةُ إِلَيْهِ أَنَّ الْمَالِكِيَّةَ يَرَوْنَ أَنَّ الشَّهَادَةَ مَعَ الشَّكِّ تَسْلُبُ صِفَةَ الْعَدَالَةِ


(١) حاشية ابن عابدين على الدر المختار ٤ / ٥١٣.
(٢) التاج والإكليل (بهامش مواهب الجليل) ٦ / ١٩٠.