للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى إِنْكَارِ حُصُول الْيَقِينِ فِي بَعْضِ الأَْحْوَال (١) .

وَذَهَبَ زُفَرُ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ (وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ) إِلَى قَبُول شَهَادَتِهِ فِيمَا يَجْرِي فِيهِ التَّسَامُعُ؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ فِيهِ إِلَى السَّمَاعِ، وَلاَ خَلَل فِيهِ (٢) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّ الأَْعْمَى لَوْ تَحَمَّل شَهَادَةً تَحْتَاجُ إِلَى الْبَصَرِ، وَهُوَ بَصِيرٌ، ثُمَّ عَمِيَ فَإِنْ تَحَمَّل عَلَى رَجُلٍ مَعْرُوفٍ بِالاِسْمِ وَالنَّسَبِ يُقِرُّ لِرَجُلٍ بِهَذِهِ الصِّفَةِ، فَلَهُ أَنْ يَشْهَدَ بَعْدَمَا عَمِيَ، وَتُقْبَل شَهَادَتُهُ لِحُصُول الْعِلْمِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَمْ تُقْبَل.

وَنَصَّ الْحَنَابِلَةُ عَلَى أَنَّهُ إِنْ تَيَقَّنَ صَوْتَهُ لِكَثْرَةِ إِلْفِهِ لَهُ صَحَّ أَنْ يَشْهَدَ بِهِ.

وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إِنْ شَهِدَ عِنْدَ الْحَاكِمِ، وَهُوَ بَصِيرٌ، ثُمَّ عَمِيَ قَبْل الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِ، جَازَ الْحُكْمُ بِهَا عِنْدَهُمْ، وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ مَعْنًى طَرَأَ بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ فَلاَ يُمْنَعُ الْحُكْمُ بِهَا، كَمَا لَوْ مَاتَ الشَّاهِدَانِ أَوْ غَابَا بَعْدَ أَدَاءِ الشَّهَادَةِ.

وَذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٌ إِلَى عَدَمِ قَبُول


(١) المغني والشرح الكبير ١٢ / ٦١.
(٢) الهداية ٣ / ١٢١، وشرحها فتح القدير ٦ / ٢٧، البناية ٧ / ١٦٠، تبيين الحقائق ٤ / ٢١٧، المبسوط ١٦ / ١٢٩.