للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْمَخْصُوصِ فِي التَّحَمُّل وَالأَْدَاءِ؛ لأَِنَّ الْحَاجَةَ تَدْعُو إِلَى ذَلِكَ فَلاَ تُقْبَل الشَّهَادَةُ عَلَى الشَّهَادَةِ إِلاَّ عِنْدَ تَعَذُّرِ شُهُودِ الأَْصْل بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ.

وَيَشْتَرِطُ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ دَوَامَ تَعَذُّرِ شُهُودِ الأَْصْل إِلَى حِينِ صُدُورِ الْحُكْمِ، فَمَتَى أَمْكَنَتْ شَهَادَةُ الأُْصُول قَبْل الْحُكْمِ وُقِفَ الْحُكْمُ عَلَى سَمَاعِهَا، وَلَوْ بَعْدَ سَمَاعِ شَهَادَةِ الْفُرُوعِ؛ لأَِنَّهُ قَدَرَ عَلَى الأَْصْل فَلاَ يَجُوزُ الْحُكْمُ بِالْبَدَل.

وَمِمَّا يُجِيزُ لِلشَّاهِدِ أَنْ يَشْهَدَ عَلَى شَهَادَتِهِ أَنْ يَخَافَ الْمَوْتَ فَيَضِيعَ الْحَقُّ.

هَذَا عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ، وَإِنْ كَانَتْ آرَاءُ الْفُقَهَاءِ مُتَبَايِنَةً فِيمَا يَجُوزُ مِنَ الشَّهَادَةِ عَلَى الشَّهَادَةِ وَمَا لاَ يَجُوزُ.

فَقَدْ ذَهَبَ مَالِكٌ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيِ الشَّافِعِيِّ: إِلَى أَنَّ الشَّهَادَةَ عَلَى الشَّهَادَةِ جَائِزَةٌ فِي سَائِرِ الأُْمُورِ مَالاً أَوْ عُقُوبَةً. (١)

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهَا: جَائِزَةٌ فِي كُل حَقٍّ لاَ يَسْقُطُ بِشُبْهَةٍ، فَلاَ تُقْبَل فِيمَا يَنْدَرِئُ بِالشُّبُهَاتِ كَالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ. (٢)

قَال الْحَنَفِيَّةُ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِذَلِكَ اسْتِحْسَانًا.

وَجْهُ الْقِيَاسِ أَنَّهَا عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَلَيْسَتْ حَقًّا


(١) المدونة الكبرى ٥ / ١٥٩، تبصرة الحكام (على هامش فتح العلي المالك) ١ / ٣٥٣، والمهذب ٢ / ٣٣٩، ومنتهى الإرادات ٣ / ٥٦٠.
(٢) الهداية ٣ / ١٢٩، ١٣٠، الفتاوى الهندية ٣ / ٥٢٣، المغني ١٢ / ٨٧، الشرح الكبير ١٢ / ١٠٢.