للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فَمِنْهُمْ مَنْ أَسْلَمَ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَنَصَّرَ، وَبَقِيَ مِنْهُمْ شِرْذِمَةٌ عَلَى دِينِهِمْ، احْتَالُوا بِأَنْ سَمَّوْا أَنْفُسَهُمْ الصَّابِئَةَ، لِيَسْلَمُوا وَيَبْقَوْا فِي الذِّمَّةِ (١)

. وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ هَذِهِ الطَّائِفَةَ لَمْ يَكُنِ اسْمُهُمُ الصَّابِئَةَ أَوَّلاً، وَأَنَّهُمْ تَسَمَّوْا بِذَلِكَ فِي آخِرِ عَهْدِ الْمَأْمُونِ.

وَأَفَادَ الْبَيْرُونِيُّ: أَنَّ هَذِهِ النِّحْلَةَ هِيَ نِحْلَةُ فَلاَسِفَةِ الْيُونَانِيِّينَ الَّتِي كَانُوا عَلَيْهَا قَبْل النَّصْرَانِيَّةِ، وَأَنَّ مِنْ فَلاَسِفَتِهَا: فِيثَاغُورْسُ، وَأَغَاذِيمُونُ، وَوَالِيسُ، وَهُرْمُسُ، وَكَانَتْ لَهُمْ هَيَاكِل بِأَسْمَاءِ الْكَوَاكِبِ، وَأَنَّ الْيُونَانِيِّينَ، وَمِنْ بَعْدِهِمُ الرُّومَانُ، كَانُوا عَلَى هَذِهِ النِّحْلَةِ، ثُمَّ لَمَّا غَلَبَتِ النَّصْرَانِيَّةُ عَلَى بِلاَدِ الرُّومِ وَالْيُونَانِ وَتَنَصَّرَ أَهْل هَذِهِ النِّحْلَةِ: بَقِيَ عَلَيْهَا مِنْ أَهْل الْمَشْرِقِ بَقَايَا، وَلَمْ يَكُنِ اسْمُهُمُ الصَّابِئَةَ، وَإِنَّمَا تَسَمَّوْا بِذَلِكَ فِي عَصْرِ الْمَأْمُونِ سَنَةَ ٢٢٨ هـ (٢) وَهُمْ لَيْسُوا مِنَ الصَّابِئَةِ فِي الْحَقِيقَةِ، بَل حَقِيقَةُ الصَّابِئَةِ هُمُ الْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ.

ب - وَالْفِرْقَةُ الثَّانِيَةُ: هُمْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْل الْكِتَابِ لَهُمْ شَبَهٌ بِالنَّصَارَى.

قَال الْجَصَّاصُ: وَهَؤُلاَءِ بِنَوَاحِي كَسْكَرَ


(١) الفهرست لابن النديم ص ٤٤٤ - ٤٤٦.
(٢) كذا في كتاب البيروني المطبوع والصواب: ٢١٨ هـ وهي السنة التي توفي فيها المأمون.