للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عِنْدَ اللَّهِ فَضَعْهَا يَا رَسُول اللَّهِ حَيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ قَال: فَقَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَخٍ ذَلِكَ مَالٌ رَابِحٌ (١) .

وَكَانَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ يَشْتَرِي أَعْدَالاً مِنْ سُكَّرٍ وَيَتَصَدَّقُ بِهَا، فَقِيل لَهُ: هَلاَّ تَصَدَّقْتَ بِقِيمَتِهَا؟ قَال: لأَِنَّ السُّكَّرَ أَحَبُّ إِلَيَّ فَأَرَدْتُ أَنْ أُنْفِقَ مِمَّا أُحِبُّ (٢) .

وَالْمُرَادُ بِالآْيَةِ حُصُول كَثْرَةِ الثَّوَابِ بِالتَّصَدُّقِ مِمَّا يُحِبُّهُ. وَلاَ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ الْمَال الْمُتَصَدَّقُ بِهِ كَثِيرًا، وَيُسْتَحَبُّ التَّصَدُّقُ وَلَوْ بِشَيْءٍ نَزْرٍ، قَال اللَّهُ تَعَالَى: {فَمَنْ يَعْمَل مِثْقَال ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} (٣) وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ (٤) .

وَنَهَى اللَّهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَنِ التَّصَدُّقِ بِالرَّدِيءِ مِنَ الْمَال. قَال تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا


(١) تفسير روح المعاني ٣ / ٢٢٢، ٢٢٣ وحديث " أن أبا طلحة كان أكثر الأنصار مالا من نخل " أخرجه البخاري (فتح الباري ٣ / ٣٢٥ ط. السلفية) واللفظ له، ومسلم (صحيح مسلم ٢ / ٦٩٣ ط. عيسى الحلبي) من حديث أنس مالك - رضي الله عنه -.
(٢) تفسير القرطبي ٤ / ١٣٣، وانظر في الموضوع كشاف القناع ٢ / ٢٩٩.
(٣) سورة الزلزلة / ٨.
(٤) كفاية الأخيار ١ / ١٢٥ وحديث: " اتقوا النار ولو بشق تمرة " أخرجه البخاري (فتح الباري ١٠ / ٤٤٨ ط. السلفية) ومسلم (صحيح مسلم ٣ / ٧٠٤ ط. عيسى الحلبي) مرفوعًا من حديث عدي بن حاتم - رضي الله عنه -.