للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ، وَصِلَةُ الرَّحِمِ تَزِيدُ فِي الْعُمُرِ (١) .

وَلأَِنَّ الإِْسْرَارَ بِالتَّطَوُّعِ يَخْلُو عَنِ الرِّيَاءِ وَالْمَنِّ، وَإِعْطَاءُ الصَّدَقَةِ سِرًّا يُرَادُ بِهِ رِضَا اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَحْدَهُ. وَنُقِل عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَوْلُهُ: صَدَقَةُ السِّرِّ فِي التَّطَوُّعِ أَفْضَل مِنْ صَدَقَةِ الْعَلاَنِيَةِ بِسَبْعِينَ ضِعْفًا (٢) .

قَال ابْنُ الْعَرَبِيِّ: وَالتَّحْقِيقُ فِيهِ أَنَّ الْحَال فِي الصَّدَقَةِ يَخْتَلِفُ بِحَال الْمُعْطِي لَهَا وَالْمُعْطَى إِيَّاهَا وَالنَّاسِ الشَّاهِدِينَ لَهَا.

أَمَّا الْمُعْطِي فَلَهُ فَائِدَةُ إِظْهَارِ السُّنَّةِ وَثَوَابِ الْقُدْوَةِ، وَآفَتُهَا الرِّيَاءُ، وَالْمَنُّ، وَالأَْذَى. وَأَمَّا الْمُعْطَى إِيَّاهَا فَإِنَّ السِّرَّ أَسْلَمُ لَهُ مِنَ احْتِقَارِ النَّاسِ لَهُ، أَوْ نِسْبَتِهِ إِلَى أَنَّهُ أَخَذَهَا مَعَ الْغِنَى وَتَرْكِ التَّعَفُّفِ.

وَأَمَّا حَال النَّاسِ فَالسِّرُّ عَنْهُمْ أَفْضَل مِنَ الْعَلاَنِيَةِ لَهُمْ، مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ رُبَّمَا طَعَنُوا عَلَى الْمُعْطِي لَهَا بِالرِّيَاءِ، وَعَلَى الآْخِذِ لَهَا


(١) تفسير القرطبي ٢ / ٢٣٢، ٢٣٤، وأحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٣٦، وحاشية القليوبي ٣ / ٢٠٤، ٢٠٥، والمهذب ١ / ١٨٣، وكشاف القناع ٢ / ٢٦٦. وحديث: " صنائع المعروف تقي مصارع السوء. . . ". أخرجه الطبراني في الكبير من حديث أبي أمامة - رضي الله عنه - وإسناده حسن (مجمع الزوائد ٣ / ١١٥ نشر مكتبة القدسي) .
(٢) أحكام القرآن لابن العربي ١ / ٢٣٦.