للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كَدِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ وَمُدِّ عَجْوَةٍ، أَوْ كَسَيْفٍ مُحَلًّى بِالذَّهَبِ أَوْ فِضَّةٍ بِثَمَنِ جِنْسِهِ فَقَدِ اخْتَلَفَ الْفُقَهَاءُ فِي ذَلِكَ:

فَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى أَنَّهُ لاَ يَجُوزُ بَيْعُ نَقْدٍ بِجِنْسِهِ وَمَعَ أَحَدِهِمَا أَوْ كِلَيْهِمَا شَيْءٌ آخَرُ، فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ مُدٍّ وَدِرْهَمٍ بِدِرْهَمَيْنِ، أَوْ بَيْعُ دِرْهَمٍ وَثَوْبٍ. كَمَا لاَ يَجُوزُ بَيْعُ شَيْءٍ مُحَلًّى بِذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ كَسَيْفٍ أَوْ مُصْحَفٍ بِجِنْسِ حِلْيَتِهِ. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَعْرُوفَةٌ بِمَسْأَلَةِ: (مُدُّ عَجْوَةٍ) .

وَاسْتَدَلُّوا بِمَا رَوَاهُ فَضَالَةُ بْنُ عُبَيْدٍ قَال: أُتِيَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِخَيْبَرِ بِقِلاَدَةٍ فِيهَا خَرَزٌ وَذَهَبٌ وَهُوَ مِنَ الْغَنَائِمِ تُبَاعُ، فَأَمَرَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالذَّهَبِ الَّذِي فِي الْقِلاَدَةِ فَنُزِعَ وَحْدَهُ، ثُمَّ قَال لَهُمْ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَزْنًا بِوَزْنٍ، وَفِي رِوَايَةٍ قَال النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ حَتَّى تُمَيِّزَ بَيْنَهُمَا (١) .

وَاسْتَدَلُّوا مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى بِأَنَّ الْعَقْدَ إِذَا جَمَعَ عِوَضَيْنِ مُخْتَلِفَيِ الْجِنْسِ وَجَبَ أَنْ يَنْقَسِمَ أَحَدُهُمَا عَلَى الآْخَرِ عَلَى قَدْرِ قِيمَةِ الآْخَرِ فِي نَفْسِهِ، فَإِذَا اخْتَلَفَتِ الْقِيمَةُ اخْتَلَفَ مَا يَأْخُذُهُ مِنَ الْعِوَضِ فَيُؤَدِّي ذَلِكَ إِلَى الْمُفَاضَلَةِ


(١) حديث فضالة بن عبيد: " الذهب بالذهب وزنا بوزن ". أخرجه مسلم (٣ / ١٢١١ - ط الحلبي) والرواية الأولى لأبي داود (٣ / ٦٤٧ - تحقيق عزت عبيد دعاس) .