للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاسْتَدَل الْحَنَفِيَّةُ لِقَوْل مُحَمَّدٍ بِعَدَمِ الْجَوَازِ - أَيْضًا - بِأَنَّ الْفُلُوسَ أَثْمَانٌ فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُهَا بِجِنْسِهَا مُتَفَاضِلاً، كَالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ، وَدَلاَلَةُ الْوَصْفِ عِبَارَةٌ عَمَّا تُقَدَّرُ بِهِ مَالِيَّةُ الأَْعْيَانِ، وَمَالِيَّةُ الأَْعْيَانِ كَمَا تُقَدَّرُ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ تُقَدَّرُ بِالْفُلُوسِ - أَيْضًا - فَكَانَتْ أَثْمَانًا، وَالثَّمَنُ لاَ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) فَالْتُحِقَ التَّعْيِينُ فِيهِمَا بِالْعَدَمِ. فَلاَ يَجُوزُ بَيْعُ فَلْسٍ بِفَلْسَيْنِ بِأَعْيَانِهِمَا، كَمَا لاَ يَجُوزُ بِغَيْرِ أَعْيَانِهِمَا. وَلأَِنَّهَا إِذَا كَانَتْ أَثْمَانًا فَالْوَاحِدُ يُقَابِل الْوَاحِدَ، فَبَقِيَ الآْخَرُ فَضْل مَالٍ لاَ يُقَابِلُهُ عِوَضٌ فِي عَقْدِ الْمُعَاوَضَةِ، وَهَذَا تَفْسِيرُ الرِّبَا، كَمَا حَرَّرَهُ الْكَاسَانِيُّ (١) .

وَقَال ابْنُ تَيْمِيَّةَ: الأَْظْهَرُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْفُلُوسَ النَّافِقَةَ يَغْلِبُ عَلَيْهَا حُكْمُ الأَْثْمَانِ، وَتُجْعَل مِعْيَارًا لأَِمْوَال النَّاسِ. وَلِهَذَا يَنْبَغِي لِلسُّلْطَانِ أَنْ يَضْرِبَ لَهُمْ فُلُوسًا تَكُونُ بِقِيمَةِ الْعَدْل فِي مُعَامَلاَتِهِمْ مِنْ غَيْرِ ظُلْمٍ لَهُمْ (٢) .

هَذَا، وَتَفْصِيل التَّعَامُل بِالْفُلُوسِ وَأَحْكَامِهَا فِي مُصْطَلَحِ (فُلُوسٌ (٣)) .


(١) بدائع الصنائع ٥ / ١٨٥.
(٢) مجموع فتاوى ابن تيمية ٢٩ / ٤٦٨، ٤٦٩.
(٣) أما الأوراق النقدية (البنكنوت) فلم يبحثها المتقدمون من الفقهاء، لعدم وجودها في زمانهم، وقد كتبت فيها رسائل جديدة أشملها (الورق النقدي) للشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع، بحث فيها التاريخ وحقيقة الورق النقدي، ثم قيمته وحكمه مستنبطا مما كتبه الفقهاء في النقود وأحكام الفلوس، واستنتج أن الورق النقدي ثمن قائم بذاته له حكم النقدين من الذهب والفضة في جريان الربا والصرف ونحوهما (اللجنة)