للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَاحْتَجَّ لَهُ - أَيْضًا - بِأَنَّهُ فِعْل الْيَهُودِ، وَمَظِنَّةُ النَّوْمِ. وَعَلَّل فِي الْبَدَائِعِ: بِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يَرْمِيَ بِبَصَرِهِ إِلَى مَوْضِعِ سُجُودِهِ وَفِي التَّغْمِيضِ تَرْكُهَا. وَالْكَرَاهَةُ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ تَنْزِيهِيَّةٌ.

وَاسْتَثْنَوْا مِنْ ذَلِكَ التَّغْمِيضَ لِكَمَال الْخُشُوعِ، بِأَنْ خَافَ فَوْتَ الْخُشُوعِ بِسَبَبِ رُؤْيَةِ مَا يُفَرِّقُ الْخَاطِرَ فَلاَ يُكْرَهُ حِينَئِذٍ، بَل قَال بَعْضُهُمْ: إِنَّهُ الأَْوْلَى. قَال ابْنُ عَابِدِينَ: وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ.

قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَمَحَل كَرَاهَةِ التَّغْمِيضِ مَا لَمْ يَخَفِ النَّظَرَ لِمُحَرَّمٍ، أَوْ يَكُونُ فَتْحُ بَصَرِهِ يُشَوِّشُهُ، وَإِلاَّ فَلاَ يُكْرَهُ التَّغْمِيضُ حِينَئِذٍ.

وَاخْتَارَ النَّوَوِيُّ: أَنَّهُ لاَ يُكْرَهُ - أَيْ تَغْمِيضُ الْعَيْنَيْنِ - إِنْ لَمْ يَخَفْ مِنْهُ ضَرَرًا عَلَى نَفْسِهِ، أَوْ غَيْرِهِ فَإِنْ خَافَ مِنْهُ ضَرَرًا كُرِهَ (١) .

كَمَا صَرَّحَ الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ رَفْعِ الْبَصَرِ إِلَى السَّمَاءِ أَثْنَاءَ الصَّلاَةِ لِحَدِيثِ أَنَسٍ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - قَال: قَال رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا بَال أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ


(١) حاشية ابن عابدين ١ / ٤٣٤، حاشية الدسوقي ١ / ٢٥٤، مغني المحتاج ١ / ١٨١، شرح روض الطالب ١ / ١٦٩، كشاف القناع ١ / ٣٧٠.