للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَقَرِيبٌ مِنْ هَذَا مَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ حَيْثُ صَرَّحُوا بِعَدَمِ بُطْلاَنِ الصَّلاَةِ لَوِ الْتَفَتَ بِصَدْرِهِ وَوَجْهِهِ، وَذَلِكَ لأَِنَّهُ لَمْ يَسْتَدِرْ بِجُمْلَتِهِ.

وَقَال الْمُتَوَلِّي مِنَ الشَّافِعِيَّةِ: بِحُرْمَةِ الاِلْتِفَاتِ بِالْوَجْهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: لاَ يَزَال اللَّهُ عَزَّ وَجَل مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ وَهُوَ فِي صَلاَتِهِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ. فَإِذَا الْتَفَتَ انْصَرَفَ عَنْهُ (١) .

قَال الأَْذْرَعِيُّ: وَالْمُخْتَارُ: أَنَّهُ إِنْ تَعَمَّدَ مَعَ عِلْمِهِ بِالْخَبَرِ حَرُمَ، بَل تَبْطُل إِنْ فَعَلَهُ لَعِبًا.

وَقَدْ صَرَّحَ الشَّافِعِيَّةُ بِجَوَازِ اللَّمْحِ بِالْعَيْنِ دُونَ الاِلْتِفَاتِ فَإِنَّهُ لاَ بَأْسَ بِهِ؛ لِحَدِيثِ عَلِيِّ بْنِ شَيْبَانَ قَال: خَرَجْنَا حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَايَعْنَاهُ وَصَلَّيْنَا خَلْفَهُ. فَلَمَحَ بِمُؤَخَّرِ عَيْنِهِ رَجُلاً لاَ يُقِيمُ صَلاَتَهُ - يَعْنِي صُلْبَهُ - فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ، فَلَمَّا قَضَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ لاَ صَلاَةَ لِمَنْ لاَ يُقِيمُ صُلْبَهُ فِي الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ (٢) .


(١) حديث: " لا يزال الله مقبلا على العبد. . . ". أخرجه أبو داود (١ / ٥٦٠ - تحقيق عزت عبيد دعاس) من حديث أبي ذر، وأشار المنذري إلى إعلاله بجهالة راو فيه (مختصر السنن ١ / ١ / ٤٢٩ - نشر دار المعرفة) .
(٢) حديث: " يا معشر المسلمين لا صلاة لمن لا يقيم صلبه ". أخرجه ابن ماجه (١ / ٢٨٢ - ط. الحلبي) ، وقال البوصيري: " مصباح الزجاجة (١ / ١٧٨ - ط. دار الجنان) : إسناده صحيح.