للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ (١) } قِيل: " ذِكْرُ اللَّهِ " هُوَ صَلاَةُ الْجُمُعَةِ، وَقِيل: هُوَ الْخُطْبَةُ، وَكُل ذَلِكَ حُجَّةٌ؛ لأَِنَّ السَّعْيَ إِلَى الْخُطْبَةِ إِنَّمَا يَجِبُ لأَِجْل الصَّلاَةِ، بِدَلِيل أَنَّ مَنْ سَقَطَتْ عَنْهُ الصَّلاَةُ لاَ يَجِبُ عَلَيْهِ السَّعْيُ إِلَى الْخُطْبَةِ، فَكَانَ فَرْضُ السَّعْيِ إِلَى الْخُطْبَةِ فَرْضًا لِلصَّلاَةِ؛ وَلأَِنَّ ذِكْرَ اللَّهِ يَتَنَاوَل الصَّلاَةَ وَيَتَنَاوَل الْخُطْبَةَ مِنْ حَيْثُ إِنَّ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا ذِكْرُ اللَّهِ تَعَالَى (٢) .

وَقَدِ اسْتَدَل الإِْمَامُ السَّرَخْسِيُّ - أَيْضًا - بِالآْيَةِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ وَجْهَيْنِ:

الْوَجْهِ السَّابِقِ، وَوَجْهٍ آخَرَ حَيْثُ قَال:

اعْلَمْ أَنَّ الْجُمُعَةَ فَرِيضَةٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، أَمَّا الْكِتَابُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} وَالأَْمْرُ بِالسَّعْيِ إِلَى الشَّيْءِ لاَ يَكُونُ إِلاَّ لِوُجُوبِهِ، وَالأَْمْرُ بِتَرْكِ الْبَيْعِ الْمُبَاحِ لأَِجْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُوبِهِ أَيْضًا.

وَحَكَى الْخَطَّابِيُّ عَنْ بَعْضِ الْفُقَهَاءِ: أَنَّ صَلاَةَ الْجُمُعَةِ فَرْضٌ عَلَى الْكِفَايَةِ، وَقَال الْقَرَافِيُّ: هُوَ وَجْهٌ لِبَعْضِ أَصْحَابِ الشَّافِعِيَّةِ (٣) .

وَأَمَّا السُّنَّةُ: فَالْحَدِيثُ الْمَشْهُورُ، وَهُوَ مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَال: إِنَّ اللَّهَ


(١) سورة الجمعة / ٩.
(٢) بدائع الصنائع ١ / ٢٥٦، نيل الأوطار ٣ / ٢٧٤.
(٣) المبسوط للسرخسي ٢ / ٢١.