للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدَّيْنِ، وَالتَّعْجِيل فِي مُقَابَلَةِ الْبَاقِي، وَذَلِكَ اعْتِيَاضٌ عَنِ الأَْجَل، وَهُوَ بَاطِلٌ؛ أَلاَ تَرَى أَنَّ الشَّرْعَ حَرَّمَ رِبَا النَّسِيئَةِ، وَلَيْسَ فِيهِ إِلاَّ مُقَابَلَةُ الْمَال بِالأَْجَل شُبْهَةً، فَلأََنْ تَكُونَ مُقَابَلَةُ الْمَال بِالأَْجَل حَقِيقَةً حَرَامًا أَوْلَى. (١)

الثَّانِي: جَوَازُ ذَلِكَ - وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، حَكَاهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى وَغَيْرُهُ، (٢) وَهُوَ قَوْل ابْنِ عَبَّاسٍ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ، وَاخْتَارَهُ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ وَتِلْمِيذُهُ ابْنُ قَيِّمٍ الْجَوْزِيَّةُ. (٣)

قَال ابْنُ الْقَيِّمِ: لأَِنَّ هَذَا عَكْسُ الرِّبَا، فَإِنَّ الرِّبَا يَتَضَمَّنُ الزِّيَادَةَ فِي أَحَدِ الْعِوَضَيْنِ فِي مُقَابَلَةِ الأَْجَل، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ بَرَاءَةَ ذِمَّتِهِ مِنْ بَعْضِ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ سُقُوطِ الأَْجَل، فَسَقَطَ بَعْضُ الْعِوَضِ فِي مُقَابَلَةِ سُقُوطِ بَعْضِ الأَْجَل، فَانْتَفَعَ بِهِ كُل وَاحِدٍ مِنْهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ هُنَا رِبًا لاَ حَقِيقَةً وَلاَ لُغَةً وَلاَ عُرْفًا، فَإِنَّ الرِّبَا الزِّيَادَةُ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ هَاهُنَا، وَاَلَّذِينَ حَرَّمُوا ذَلِكَ إِنَّمَا قَاسُوهُ عَلَى الرِّبَا، وَلاَ يَخْفَى الْفَرْقُ


(١) العناية على الهداية (ط. الميمنية) ٧ / ٣٩٦، تبيين الحقائق وحاشية الشلبي عليه ٥ / ٤٢، شرح المجلة للأتاسي ٤ / ٥٦٤.
(٢) المبدع ٣ / ٢٨٠.
(٣) الاختيارات الفقهية من فتاوى ابن تيمية للبعلي ص ١٣٤، أعلام الموقعين ٣ / ٣٧١، أحكام القرآن للجصاص (ط. مصر بعناية محمد الصادق قمحاوي) ٢ / ١٨٦.