للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج - وَبِأَنَّ الصُّلْحَ إِنَّمَا شُرِعَ لِلْحَاجَةِ إِلَى قَطْعِ الْخُصُومَةِ وَالْمُنَازَعَةِ، وَالْحَاجَةِ إِلَى قَطْعِهَا فِي التَّحْقِيقِ عِنْدَ الإِْنْكَارِ - إِذِ الإِْقْرَارُ مُسَالَمَةٌ وَمُسَاعَدَةٌ - فَكَانَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ. (١) قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَكَذَلِكَ إِذَا حَل مَعَ اعْتِرَافِ الْغَرِيمِ، فَلأََنْ يَحِل مَعَ جَحْدِهِ وَعَجْزِهِ عَنِ الْوُصُول إِلَى حَقِّهِ إِلاَّ بِذَلِكَ أَوْلَى. (٢)

د - وَلأَِنَّهُ صَالَحَ بَعْدَ دَعْوَى صَحِيحَةٍ، فَيُقْضَى بِجَوَازِهِ؛ لأَِنَّ الْمُدَّعِيَ يَأْخُذُ عِوَضًا عَنْ حَقِّهِ الثَّابِتِ لَهُ فِي اعْتِقَادِهِ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ، وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ يُؤَدِّيهِ دَفْعًا لِلشَّرِّ وَقَطْعًا لِلْخُصُومَةِ عَنْهُ، وَهَذَا مَشْرُوعٌ أَيْضًا، إِذِ الْمَال وِقَايَةُ الأَْنْفُسِ، وَلَمْ يَرِدِ الشَّرْعُ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ فِي مَوْضِعٍ. (٣)

هـ - وَلأَِنَّ افْتِدَاءَ الْيَمِينِ جَائِزٌ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ وَابْنِ مَسْعُودٍ: أَنَّهُمَا بَذَلاَ مَالاً فِي دَفْعِ الْيَمِينِ عَنْهُمَا. فَالْيَمِينُ الثَّابِتَةُ لِلْمُدَّعِي حَقٌّ ثَابِتٌ لِسُقُوطِهِ تَأْثِيرٌ فِي إِسْقَاطِ الْمَال،


(١) البدائع ٦ / ٤٠.
(٢) المغني ٤ / ٥٢٨.
(٣) الهداية مع العناية والكفاية (الميمنية) ٧ / ٣٧٩، قال ابن القيم: إنه افتداء لنفسه من الدعوى واليمين وتكليف إقامة البينة، كما تفتدي المرأة نفسها من الزوج بما تبذله له، وليس هذا بمخالف لقواعد الشرع، بل حكمة الشرع وأصوله وقواعده ومصالح المكلفين تقتضي ذلك (أعلام الموقعين٣ / ٣٧٠) .