للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ج - أَنْ لاَ يَكُونَ سَفَرُهُ فِي مَعْصِيَةٍ، بَل فِي غَرَضٍ صَحِيحٍ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَذَلِكَ لأَِنَّ الْفِطْرَ رُخْصَةٌ وَتَخْفِيفٌ، فَلاَ يَسْتَحِقُّهَا عَاصٍ بِسَفَرِهِ، بِأَنْ كَانَ مَبْنَى سَفَرِهِ عَلَى الْمَعْصِيَةِ، كَمَا لَوْ سَافَرَ لِقَطْعِ طَرِيقٍ مَثَلاً.

وَالْحَنَفِيَّةُ يُجِيزُونَ الْفِطْرَ لِلْمُسَافِرِ، وَلَوْ كَانَ عَاصِيًا بِسَفَرِهِ، عَمَلاً بِإِطْلاَقِ النُّصُوصِ الْمُرَخِّصَةِ، وَلأَِنَّ نَفْسَ السَّفَرِ لَيْسَ بِمَعْصِيَةٍ، وَإِنَّمَا الْمَعْصِيَةُ مَا يَكُونُ بَعْدَهُ أَوْ يُجَاوِرُهُ، وَالرُّخْصَةُ تَتَعَلَّقُ بِالسَّفَرِ لاَ بِالْمَعْصِيَةِ (١) .

د - أَنْ يُجَاوِزَ الْمَدِينَةَ وَمَا يَتَّصِل بِهَا، وَالْبِنَاءَاتِ وَالأَْفْنِيَةَ وَالأَْخْبِيَةَ (٢) .

وَذَهَبَ عَامَّةُ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ، إِلَى أَنَّ مَنْ أَدْرَكَ هِلاَل رَمَضَانَ وَهُوَ مُقِيمٌ، ثُمَّ سَافَرَ، جَازَ لَهُ الْفِطْرُ، لأَِنَّ اللَّهَ تَعَالَى جَعَل مُطْلَقَ السَّفَرِ سَبَبَ الرُّخْصَةِ، بِقَوْلِهِ: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (٣) ، وَلِمَا ثَبَتَ مِنْ أَنَّ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ


(١) تبيين الحقائق ١ / ٢١٦، والدر المختار ورد المحتار ١ / ٥٢٧، ومراقي الفلاح ص ٢٣٠، والقوانين الفقهية ص ٥٩، وحاشية البيجوري على ابن قاسم ١ / ٢١٠، والروض المربع ١ / ٨٩.
(٢) رد المحتار ٢ / ١١٥، والشرح الكبير للدردير ١ / ٥٣٤، ومنح الجليل ١ / ٤٠٩، والمجموع ٦ / ٢٦١، وكشاف القناع ٢ / ٣١٢، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ١ / ٥٣٥.
(٣) سورة البقرة / ١٨٥.