للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَدَلِيل تَرْخِيصِ الْفِطْرِ لَهُمَا: {وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ (١) } وَلَيْسَ الْمُرَادُ مِنَ الْمَرَضِ صُورَتَهُ، أَوْ عَيْنَ الْمَرَضِ، فَإِنَّ الْمَرِيضَ الَّذِي لاَ يَضُرُّهُ الصَّوْمُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفْطِرَ، فَكَانَ ذِكْرُ الْمَرَضِ كِنَايَةً عَنْ أَمْرٍ يَضُرُّ الصَّوْمُ مَعَهُ، وَهُوَ مَعْنَى الْمَرَضِ، وَقَدْ وُجِدَ هَاهُنَا، فَيَدْخُلاَنِ تَحْتَ رُخْصَةِ الإِْفْطَارِ (٢) .

وَصَرَّحَ الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّ الْحَمْل مَرَضٌ حَقِيقَةً، وَالرَّضَاعَ فِي حُكْمِ الْمَرَضِ، وَلَيْسَ مَرَضًا حَقِيقَةً (٣) .

وَكَذَلِكَ، مِنْ أَدِلَّةِ تَرْخِيصِ الْفِطْرِ لَهُمَا، حَدِيثُ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ الْكَعْبِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ أَنَّ رَسُول اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَال: إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنِ الْمُسَافِرِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاَةِ، وَعَنِ الْحَامِل أَوِ الْمُرْضِعِ الصَّوْمَ أَوِ الصِّيَامَ وَفِي لَفْظِ بَعْضِهِمْ: عَنِ الْحُبْلَى وَالْمُرْضِعِ (٤) .

وَإِطْلاَقُ لَفْظِ الْحَامِل يَتَنَاوَل - كَمَا نَصَّ الْقَلْيُوبِيُّ - كُل حَمْلٍ، وَلَوْ مِنْ زِنًا وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْمُرْضِعُ أُمًّا لِلرَّضِيعِ، أَمْ كَانَتْ


(١) سورة البقرة / ١٨٥.
(٢) البدائع ٢ / ٩٧.
(٣) الشرح الكبير للدردير وحاشية الدسوقي عليه ١ / ٥٣٦، وانظر حاشية البجيرمي على الإقناع ٢ / ٣٤٦.
(٤) حديث: " إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة. . . ". أخرجه الترمذي (٣ / ٨٥) ، واللفظ الثاني أخرجه النسائي (٤ / ١٩٠) . وقال الترمذي: حديث حسن.