للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصَّوْمَ وَاجِبٌ بِأَصْل الشَّرْعِ لاَ يُقْضَى عَنْهُ، لأَِنَّهُ لاَ تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ فِي الْحَيَاةِ فَكَذَلِكَ بَعْدَ الْمَمَاتِ كَالصَّلاَةِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الْقَدِيمِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ عِنْدَ النَّوَوِيِّ، وَهُوَ قَوْل أَبِي الْخَطَّابِ مِنَ الْحَنَابِلَةِ إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ لِوَلِيِّهِ أَنْ يَصُومَ عَنْهُ، زَادَ الشَّافِعِيَّةُ: وَيَصِحُّ ذَلِكَ، وَيُجْزِئُهُ عَنِ الإِْطْعَامِ، وَتَبْرَأُ بِهِ ذِمَّةُ الْمَيِّتِ وَلاَ يَلْزَمُ الْوَلِيَّ الصَّوْمُ بَل هُوَ إِلَى خِيرَتِهِ، لِحَدِيثِ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامٌ صَامَ عَنْهُ وَلِيُّهُ (١) .

أَمَّا فِي وُجُوبِ الْفِدْيَةِ فَقَدِ اخْتَلَفُوا فِيهِ عَلَى النَّحْوِ التَّالِي:

قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ أَخَّرَ قَضَاءَ رَمَضَانَ بِغَيْرِ عُذْرٍ، ثُمَّ مَاتَ قَبْل رَمَضَانَ آخَرَ أَوْ بَعْدَهُ، وَلَمْ يَقْضِ لَزِمَهُ الإِْيصَاءُ بِكَفَّارَةِ مَا أَفْطَرَهُ بِقَدْرِ الإِْقَامَةِ مِنَ السَّفَرِ وَالصِّحَّةِ مِنَ الْمَرَضِ وَزَوَال الْعُذْرِ، وَلاَ يَجِبُ الإِْيصَاءُ بِكَفَّارَةِ مَا أَفْطَرَهُ عَلَى مَنْ مَاتَ قَبْل زَوَال الْعُذْرِ.

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ - فِي الْجَدِيدِ - إِلَى أَنَّهُ يَجِبُ فِي تَرِكَتِهِ لِكُل يَوْمٍ مُدٌّ مِنْ طَعَامٍ. وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ فِي الْمَذْهَبِ إِلَى الإِْطْعَامِ عَنْهُ لِكُل يَوْمٍ مِسْكِينًا (٢) .


(١) حديث عائشة: " من مات وعليه صيام صام. . . ". أخرجه البخاري (الفتح ٤ / ١٩٢) ومسلم (٢ / ٨٠٣) .
(٢) مراقي الفلاح ص ٣٧٥، جواهر الإكليل ١ / ١٦٣، والمجموع ٦ / ٣٦٨، والإنصاف ٣ / ٣٣٤ - ٣٣٦، وكشاف القناع ٢ / ٣٣٤، ٣٣٥.