للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَعِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ قَوْلاَنِ آخَرَانِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.

أَوَّلُهُمَا: يَجِبُ الدِّفَاعُ عَنْ نَفْسِ غَيْرِهِ وَمَا دُونَهَا مِنَ الأَْطْرَافِ قَطْعًا، لأَِنَّ لَهُ الإِْيثَارَ بِحَقِّ نَفْسِهِ دُونَ غَيْرِهِ، وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ أُذِل عِنْدَهُ مُؤْمِنٌ فَلَمْ يَنْصُرْهُ - وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَنْصُرَهُ - أَذَلَّهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَل عَلَى رُءُوسِ الْخَلاَئِقِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (١) .

ثَانِيهِمَا: لاَ يَجُوزُ الدِّفَاعُ عَنْ نَفْسِ الْغَيْرِ، لأَِنَّ شَهْرَ السِّلاَحِ يُحَرِّكُ الْفِتَنَ، وَخَاصَّةً فِي مَجَال نُصْرَةِ الآْخَرِينَ، وَلَيْسَ الدِّفَاعُ عَنِ الْغَيْرِ مِنْ شَأْنِ آحَادِ النَّاسِ، وَإِنَّمَا هُوَ وَظِيفَةُ الإِْمَامِ وَوُلاَةِ الأُْمُورِ.

وَيَجْرِي هَذَا الْخِلاَفُ فِي الْمَذْهَبِ بِالنِّسْبَةِ لآِحَادِ النَّاسِ، أَمَّا الإِْمَامُ وَغَيْرُهُ - مِنَ الْوُلاَةِ - فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ دَفْعُ الصَّائِل عَلَى نَفْسِ الْغَيْرِ اتِّفَاقًا (٢) .

أَمَّا عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ فَيَجِبُ الدِّفَاعُ عَنْ نَفْسِ غَيْرِهِ وَمَا دُونَهَا مِنَ الأَْطْرَافِ فِي غَيْرِ فِتْنَةٍ، وَمَعَ


(١) حديث: " من أذل عنده. . . ". أخرجه أحمد (٣ / ٤٨٧) من حديث سهل بن حنيف، أورده الهيثمي في المجمع (٧ / ٢٦٧) وقال: رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة، وهو حسن الحديث وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات.
(٢) مغني المحتاج ٤ / ١٩٥، وروضة الطالبين ١٠ / ١٨٩، وتحفة المحتاج ٩ / ١٨٥، ونهاية المحتاج ٨ / ٢٣.