للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَيْضًا: مَنْ قُتِل دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ.

وَيُسْتَثْنَى عِنْدَهُمْ مِنْ جَوَازِ الدِّفَاعِ عَنِ الْمَال صُورَتَانِ:

إِحْدَاهُمَا: لَوْ قَصَدَ مُضْطَرٌّ طَعَامَ غَيْرِهِ، فَلاَ يَجُوزُ لِمَالِكِهِ دَفْعُهُ عَنْهُ، إِنْ لَمْ يَكُنْ مُضْطَرًّا مِثْلَهُ، فَإِنْ قَتَل الْمَالِكُ الصَّائِل الْمُضْطَرَّ إِلَى الطَّعَامِ وَجَبَ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ. وَالأُْخْرَى: إِذَا كَانَ الصَّائِل مُكْرَهًا عَلَى إِتْلاَفِ مَال غَيْرِهِ، فَلاَ يَجُوزُ دَفْعُهُ عَنْهُ، بَل يَلْزَمُ الْمَالِكَ أَنْ يَقِيَ رُوحَهُ بِمَالِهِ، كَمَا يَتَنَاوَل الْمُضْطَرُّ طَعَامَهُ، وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا دَفْعُ الْمُكْرَهِ.

قَال الأَْذْرَعِيُّ: وَهَذَا فِي آحَادِ النَّاسِ، أَمَّا الإِْمَامُ وَنُوَّابُهُ فَيَجِبُ عَلَيْهِمُ الدِّفَاعُ عَنْ أَمْوَال رَعَايَاهُمْ (١) .

وَذَهَبَ الْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ: لاَ يَلْزَمُهُ الدِّفَاعُ عَنْ مَالِهِ عَلَى الصَّحِيحِ، وَلاَ مَال غَيْرِهِ، وَلاَ حِفْظِهِ مِنَ الضَّيَاعِ وَالْهَلاَكِ، لأَِنَّهُ يَجُوزُ بَذْلُهُ لِمَنْ أَرَادَهُ مِنْهُ ظُلْمًا. وَتَرْكُ الْقِتَال عَلَى مَالِهِ أَفْضَل مِنَ الْقِتَال عَلَيْهِ.

وَقِيل: يَجِبُ عَلَيْهِ الدِّفَاعُ عَنْ مَالِهِ.

أَمَّا دَفْعُ الإِْنْسَانِ عَنْ مَال غَيْرِهِ فَيَجُوزُ مَا لَمْ يُفْضِ إِلَى الْجِنَايَةِ عَلَى نَفْسِ الطَّالِبِ، أَوْ شَيْءٍ مِنْ أَعْضَائِهِ.


(١) مغني المحتاج ٤ / ١٩٥، وحاشية الباجوري ٢ / ٢٥٦، وروضة الطالبين ١٠ / ١٨٨، وحاشية الجمل على شرح المنهج ٥ / ١٦٦.