للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَأْكُل مِنْهُ لَمْ يَحْرُمْ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ (١) .

وَأَضَافَ الشَّافِعِيَّةُ: أَنَّهُ يُشْتَرَطُ تَكَرُّرُ هَذِهِ الأُْمُورِ الْمُعْتَبَرَةِ فِي التَّعْلِيمِ بِحَيْثُ يُظَنُّ تَأَدُّبُ الْجَارِحَةِ، وَلاَ يَنْضَبِطُ ذَلِكَ بِعَدَدٍ، بَل الرُّجُوعُ فِي ذَلِكَ إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ.

وَلَوْ ظَهَرَ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الشُّرُوطِ كَوْنُهُ مُعَلَّمًا، ثُمَّ أَكَل مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ لَمْ يَحِل ذَلِكَ الصَّيْدُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ، فَيُشْتَرَطُ تَعْلِيمٌ جَدِيدٌ (٢) .

وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لاَ يُعْتَبَرُ تَكْرَارُ تَرْكِ الأَْكْل، بَل يَحْصُل التَّعْلِيمُ بِتَرْكِ الأَْكْل مَرَّةً، لأَِنَّهُ تَعَلَّمَ صَنْعَةً أَشْبَهَ سَائِرَ الصَّنَائِعِ، فَإِنْ أَكَل بَعْدَ تَعْلِيمِهِ لَمْ يَحْرُمْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ صَيْدِهِ، لِعُمُومِ الآْيَةِ وَالأَْخْبَارِ، وَلَمْ يُبَحْ مَا أَكَل مِنْهُ، وَلَمْ يَخْرُجْ بِالأَْكْل عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، فَيُبَاحُ مَا صَادَهُ بَعْدَ الَّذِي أَكَل مِنْهُ (٣) .

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ عِصْيَانُ الْمُعَلَّمِ مَرَّةً لاَ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مُعَلَّمًا، كَمَا لاَ يَكُونُ مُعَلَّمًا بِطَاعَتِهِ مَرَّةً، بَل الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ كَافٍ (٤) .

وَقَال الدُّسُوقِيُّ: إِنَّ شَرْطَ الاِنْزِجَارِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ فِي الْبَازِي، لأَِنَّهُ لاَ يَنْزَجِرُ بِالزَّجْرِ بَل


(١) المرجعين السابقين، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣٥٠، وحاشية البجيرمي على شرح المنهج ٤ / ٢٩٠.
(٢) مغني المحتاج ٤ / ٢٧٥، ٢٧٦.
(٣) كشاف القناع ٦ / ٢٢٣، ٢٢٤.
(٤) حاشية العدوي على شرح الرسالة ١ / ٥٢٠، وحاشية الدسوقي على الشرح الكبير ٢ / ١٠٤.