للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الْحَنَفِيَّةِ، وَمُقَابِل الأَْظْهَرِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ.

فَلَوْ قَتَلَهُ الْجَارِحُ بِصَدْمٍ، أَوْ عَضٍّ بِلاَ جُرْحٍ لَمْ يُبَحْ، كَالْمِعْرَاضِ إِذَا قَتَل بِعَرْضِهِ أَوْ ثِقَلِهِ، وَكَذَا لَوْ أَرْسَل الْكَلْبَ فَأَصَابَ الصَّيْدَ وَكَسَرَ عُنُقَهُ وَلَمْ يَجْرَحْهُ، أَوْ جَثَمَ عَلَى صَدْرِهِ وَخَنَقَهُ (١) .

وَوَجْهُ اشْتِرَاطِ هَذَا الشَّرْطِ، أَيِ الْجُرْحِ، هُوَ قَوْله تَعَالَى {وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} (٢) وَلأَِنَّ الْمَقْصُودَ إِخْرَاجُ الدَّمِ الْمَسْفُوحِ، وَهُوَ يَخْرُجُ بِالْجُرْحِ عَادَةً، وَلاَ يَتَخَلَّفُ عَنْهُ إِلاَّ نَادِرًا، فَأُقِيمَ الْجُرْحُ مَقَامَهُ، كَمَا فِي الذَّكَاةِ الاِخْتِيَارِيَّةِ وَالرَّمْيِ بِالسَّهْمِ، وَلأَِنَّهُ إِذَا لَمْ يَجْرَحْهُ صَارَ مَوْقُوذَةً، وَهِيَ مُحَرَّمَةٌ بِالنَّصِّ، كَمَا عَلَّلَهُ الزَّيْلَعِيُّ وَابْنُ قُدَامَةَ (٣) .

وَقَال الشَّافِعِيَّةُ فِي الأَْظْهَرِ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَقَوْل أَشْهَبَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ: لاَ يُشْتَرَطُ فِي الْحَيَوَانِ أَنْ يَجْرَحَ الصَّيْدَ، فَلَوْ تَحَامَلَتِ الْجَارِحَةُ عَلَى صَيْدٍ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا، أَوْ مَاتَ بِصَدْمَتِهَا، أَوْ بِعَضِّهَا، أَوْ بِقُوَّةِ إِمْسَاكِهَا مِنْ غَيْرِ عَقْرٍ حَل؛


(١) ابن عابدين على الدر المختار ٥ / ٢٩٩، والقوانين الفقهية ص ١٨٢، ١٨٣، والفواكه الدواني ١ / ٤٥٨، ومطالب أولي النهى ٦ / ٣٥١، ومغني المحتاج ٤ / ٢٧٦، والمغني لابن قدامة ٨ / ٥٤٥.
(٢) سورة المائدة / ٤.
(٣) تبيين الحقائق شرح الكنز ٦ / ٥١، ٥٢.