للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْمَنَافِعَ لاَ تُضْمَنُ بِالْغَصْبِ، سَوَاءٌ اسْتَوْفَاهَا أَمْ عَطَّلَهَا أَمِ اسْتَغَلَّهَا، وَلاَ تُضْمَنُ إِلاَّ بِالْعَقْدِ، وَذَلِكَ:

أ - لأَِنَّهَا لَيْسَتْ بِمَالٍ مُتَقَوَّمٍ، وَلاَ يُمْكِنُ ادِّخَارُهَا لِوَقْتِ الْحَاجَةِ، لأَِنَّهَا لاَ تَبْقَى وَقْتَيْنِ، وَلَكِنَّهَا أَعْرَاضٌ كُلَّمَا تَخْرُجُ مِنْ حَيِّزِ الْعَدَمِ إِلَى حَيِّزِ الْوُجُودِ تَتَلاَشَى فَلاَ يُتَصَوَّرُ فِيهَا التَّمَوُّل (١) . وَفِي ذَلِكَ يَقُول السَّرَخْسِيُّ: الْمَنَافِعُ لاَ تُضْمَنُ بِإِتْلاَفٍ بِغَيْرِ عَقْدٍ وَلاَ شُبْهَةٍ (٢) .

ب - وَلأَِنَّ الْمَنْفَعَةَ إِنَّمَا وَرَدَ تَقْوِيمُهَا فِي الشَّرْعِ - مَعَ أَنَّهَا لَيْسَتْ ذَاتَ قِيمَةٍ فِي نَفْسِهَا - بِعَقْدِ الإِْجَارَةِ، اسْتِثْنَاءً عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ، لِلْحَاجَةِ لِوُرُودِ الْعَقْدِ عَلَيْهَا، وَمَا ثَبَتَ عَلَى خِلاَفِ الْقِيَاسِ يُقْتَصَرُ فِيهِ عَلَى مَوْرِدِ النَّصِّ (٣) .

وَالْمَالِكِيَّةُ يُضَمِّنُونَ الْغَاصِبَ إِذَا غَصَبَ لِغَرَضِ الْمَنْفَعَةِ بِالتَّعَدِّي، كَمَا لَوْ غَصَبَ دَابَّةً أَوْ دَارًا لِلرُّكُوبِ وَالسُّكْنَى فَقَطْ، فَيَضْمَنُهَا بِالاِسْتِعْمَال، وَلَوْ كَانَ اسْتِعْمَالُهُ يَسِيرًا.


(١) المبسوط ١١ / ٧٩.
(٢) المرجع السابق ١١ / ٧٨.
(٣) تبيين الحقائق ٥ / ٢٣٤، والاختيار ٣ / ٦٤ و ٦٥، والمبسوط ١١ / ٧٨ و ٨٠، وانظر الأشباه والنظائر لابن نجيم ٢٨٤، ٢٨٥.