للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قَال ابْنُ قَيِّمٍ الْجَوْزِيَّةُ - بَعْدَ أَنْ بَيَّنَ الصِّلَةَ بَيْنَ الْوَبَاءِ وَالطَّاعُونِ (١) - هَذِهِ الْقُرُوحُ وَالأَْوْرَامُ وَالْجِرَاحَاتُ، هِيَ آثَارُ الطَّاعُونِ، وَلَيْسَتْ نَفْسَهُ وَلَكِنِ الأَْطِبَّاءُ لَمَّا لَمْ تُدْرِكْ مِنْهُ إِلاَّ الأَْثَرَ الظَّاهِرَ جَعَلُوهُ نَفْسَ الطَّاعُونِ.

وَالطَّاعُونُ يُعَبَّرُ بِهِ عَنْ ثَلاَثَةِ أُمُورٍ:

أَحَدُهَا: هَذَا الأَْثَرُ الظَّاهِرُ، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ الأَْطِبَّاءُ.

وَالثَّانِي: الْمَوْتُ الْحَادِثُ عَنْهُ، وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْحَدِيثِ الصَّحِيحِ فِي قَوْلِهِ: الطَّاعُونُ شَهَادَةٌ لِكُل مُسْلِمٍ (٢) .

وَالثَّالِثُ: السَّبَبُ الْفَاعِل لِهَذَا الدَّاءِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: أَنَّهُ بَقِيَّةُ رِجْزٍ أُرْسِل عَلَى بَنِي إِسْرَائِيل (٣) . وَوَرَدَ فِيهِ أَنَّهُ وَخْزُ أَعْدَائِكُمْ مِنَ الْجِنِّ (٤) وَجَاءَ أَنَّهُ دَعْوَةُ نَبِيٍّ (٥) .


(١) يرى ابن القيم أن بين الوباء والطاعون عمومًا وخصوصًا؛ فكل طاعون وباء، وليس كل وباء طاعونًا، وكذلك الأمراض العامة أعم من الطاعون؛ فإنه واحد منها. (زاد المعاد ٤ / ٣٨) .
(٢) حديث: " الطاعون شهادة لكل مسلم ". أخرجه البخاري (فتح الباري ١٠ / ١٨٠) ، ومسلم (٣ / ١٥٢٢) من حديث أنس.
(٣) حديث: " أنه رجز أرسل على بني إسرائيل ". أخرجه البخاري (فتح الباري ٦ / ٥١٣) ، ومسلم (٤ / ١٧٣٧) من حديث أسامة بن زيد.
(٤) حديث: " أنه وخز أعدائكم من الجن ". أخرجه أحمد (٤ / ٣٩٥) ، والحاكم (١ / ٥٠) ، من حديث أبي موسى الأشعري وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي.
(٥) خبر: " أن الطاعون دعوة نبي " ورد من حديث أبي منيب الأحدب قال: " خطب معاذ بالشام فذكر الطاعون، فقال: إنها رحمة ربكم ودعوة نبيكم ". أخرجه أحمد (٥ / ٢٤٠) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢ / ٣١١) ، وعزاه لأحمد وغيره ثم قال: رجال أحمد ثقات وسنده متصل.