للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَعْدَ الْجَفَافِ، وَغَيْرُ الْمَرْئِيَّةِ: مَا لاَ يُرَى بَعْدَهُ (١) .

وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ يَطْهُرُ مَحَل النَّجَاسَةِ بِغَسْلِهِ مِنْ غَيْرِ تَحْدِيدِ عَدَدٍ، بِشَرْطِ زَوَال طَعْمِ النَّجَاسَةِ وَلَوْ عَسُرَ، لأَِنَّ بَقَاءَ الطَّعْمِ دَلِيلٌ عَلَى تَمَكُّنِ النَّجَاسَةِ مِنَ الْمَحَل فَيُشْتَرَطُ زَوَالُهُ، وَكَذَلِكَ يُشْتَرَطُ زَوَال اللَّوْنِ وَالرِّيحِ إِنْ تَيَسَّرَ. ذَلِكَ، بِخِلاَفِ مَا إِذَا تَعَسَّرَ (٢) .

وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى التَّفْرِيقِ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ النَّجَاسَةُ عَيْنًا أَوْ لَيْسَتْ بِعَيْنٍ.

فَإِنْ كَانَتِ النَّجَاسَةُ عَيْنًا فَإِنَّهُ يَجِبُ إِزَالَةُ الطَّعْمِ، وَمُحَاوَلَةُ إِزَالَةِ اللَّوْنِ وَالرِّيحِ، فَإِنْ عَسِرَ زَوَال الطَّعْمِ، بِأَنْ لَمْ يَزُل بِحَتٍّ أَوْ قَرْصٍ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ عُفِيَ عَنْهُ مَا دَامَ الْعُسْرُ، وَيَجِبُ إِزَالَتُهُ إِذَا قَدَرَ، وَلاَ يَضُرُّ بَقَاءُ لَوْنٍ أَوْ رِيحٍ عَسُرَ زَوَالُهُ فَيُعْفَى عَنْهُ، فَإِنْ بَقِيَا مَعًا ضَرَّ عَلَى الصَّحِيحِ، لِقُوَّةِ دَلاَلَتِهِمَا عَلَى بَقَاءِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ.

وَإِنْ لَمْ تَكُنِ النَّجَاسَةُ عَيْنًا - وَهِيَ مَا لاَ يُدْرَكُ لَهَا عَيْنٌ وَلاَ وَصْفٌ، سَوَاءٌ أَكَانَ عَدَمُ الإِْدْرَاكِ لِخَفَاءِ أَثَرِهَا بِالْجَفَافِ، كَبَوْلٍ جَفَّ فَذَهَبَتْ عَيْنُهُ وَلاَ أَثَرَ لَهُ وَلاَ رِيحَ، فَذَهَبَ وَصْفُهُ، أَمْ لاَ، لِكَوْنِ الْمَحَل صَقِيلاً لاَ تَثْبُتُ


(١) الطحطاوي على مراقي الفلاح ص ٨٥، ٨٦، وابن عابدين ١ / ٢١٩.
(٢) حاشية الدسوقي ١ / ٧٨ - ٨٠.