للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

فَنُدِبَ إِلَى الثَّلاَثِ لِلشَّكِّ فِي النَّجَاسَةِ، فَدَل عَلَى أَنَّ ذَلِكَ يُسْتَحَبُّ إِذَا تَيَقَّنَ وَيَجُوزُ الاِقْتِصَارُ عَلَى الْغَسْل مَرَّةً وَاحِدَةً.

وَالْغَسْل الْوَاجِبُ فِي ذَلِكَ: أَنْ يُكَاثِرَ بِالْمَاءِ حَتَّى تُسْتَهْلَكَ النَّجَاسَةُ (١) .

وَعِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ، كَمَا جَاءَ فِي الْقَوَانِينِ الْفِقْهِيَّةِ: فِي طَهَارَةِ الْفَخَّارِ مِنْ نَجِسِ غَوَّاصٍ كَالْخَمْرِ قَوْلاَنِ، قَال الْمَوَّاقُ نَقْلاً عَنِ النَّوَادِرِ فِي أَوَانِي الْخَمْرِ: تُغْسَل وَيُنْتَفَعُ بِهَا، وَلاَ تَضُرُّهَا الرَّائِحَةُ (٢) . وَتَطْهُرُ أَوَانِيهِ إِذَا تَحَجَّرَتِ الْخَمْرُ فِيهَا أَوْ خُلِّلَتْ، وَيَطْهُرُ إِنَاؤُهَا تَبَعًا لَهَا وَلَوْ فَخَّارًا بِغَوَّاصٍ (٣) .

وَيَقُول الْحَنَابِلَةُ: إِذَا كَانَ فِي الإِْنَاءِ خَمْرٌ يَتَشَرَّبُهَا الإِْنَاءُ، ثُمَّ مَتَى جُعِل فِيهِ مَائِعٌ، سَوَاءٌ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُ الْخَمْرِ أَوْ لَوْنُهُ، لَمْ يَطْهُرْ بِالْغَسْل؛ لأَِنَّ الْغَسْل لاَ يَسْتَأْصِل أَجْزَاءَهُ مِنْ جِسْمِ الإِْنَاءِ، فَلَمْ يُطَهِّرْهُ. كَالسِّمْسِمِ إِذَا ابْتَل بِالنَّجَاسَةِ، قَال أَبُو الْفَرَجِ الْمَقْدِسِيُّ: آنِيَةُ الْخَمْرِ مِنْهَا الْمُزَفَّتُ، فَتَطْهُرُ بِالْغَسْل؛ لأَِنَّ الزِّفْتَ يَمْنَعُ وُصُول النَّجَاسَةِ إِلَى: جِسْمِ الإِْنَاءِ، وَمِنْهَا مَا لَيْسَ بِمُزَفَّتٍ، فَيَتَشَرَّبُ أَجْزَاءَ النَّجَاسَةِ، فَلاَ يَطْهُرُ بِالتَّطْهِيرِ، فَإِنَّهُ مَتَى تُرِكَ


(١) المهذب في فقه الإمام الشافعي ١ / ٥٦.
(٢) المواق ١ / ١١٣.
(٣) أسهل المدارك شرح إرشاد السالك للكشناوي ١ / ٦٦ - ٦٧ دار الفكر، الشرح الكبير ١ / ٦٠ والقوانين الفقهية ص ٣٧.