للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ذَلِكَ لِكَوْنِهِ جَاحِدًا لَهُ وَلاَ بَيِّنَةَ لَهُ بِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ لاَ يُجِيبُهُ إِلَى الْمُحَاكَمَةِ وَلاَ يُمْكِنُهُ إِجْبَارُهُ عَلَى ذَلِكَ، أَوْ نَحْوُ هَذَا، فَالْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَخْذُ قَدْرِ حَقِّهِ، وَقَال ابْنُ عَقِيلٍ: جَعَل أَصْحَابُنَا الْمُحَدِّثُونَ لِجَوَازِ الأَْخْذِ وَجْهًا فِي الْمَذْهَبِ مِنْ حَدِيثِ هِنْدٍ حِينَ قَال لَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: خُذِي مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ (١) .

وَقَال أَبُو الْخَطَّابِ: وَيَتَخَرَّجُ لَنَا جَوَازُ الأَْخْذِ فَإِنْ كَانَ الْمَقْدُورُ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ أَخَذَ بِقَدْرِهِ وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِهِ تَحَرَّى وَاجْتَهَدَ فِي تَقْوِيمِهِ.

قَال ابْنُ قُدَامَةَ: وَلَنَا قَوْل النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَدِّ الأَْمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ وَلاَ تَخُنْ مَنْ خَانَكَ (٢) وَمَتَى أَخَذَ مِنْهُ قَدْرَ حَقِّهِ مِنْ مَالِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ فَقَدْ خَانَهُ فَيَدْخُل فِي عُمُومِ الْخَبَرِ، وَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لاَ يَحِل مَال امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهُ (٣) وَلأَِنَّهُ إِنْ أُخِذَ مِنْ غَيْرِ جِنْسِ حَقِّهِ كَانَ مُعَاوَضَةً بِغَيْرِ تَرَاضٍ، وَإِنْ أَخَذَ مِنْ جِنْسِ حَقِّهِ فَلَيْسَ لَهُ تَعْيِينُ الْحَقِّ


(١) حديث: " خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف ". تقدم فـ ٩.
(٢) حديث: " أد الأمانة إلى من ائتمنك. . . ". تقدم فـ (١٢) .
(٣) حديث: " لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه ". أخرجه أحمد (٥ / ٤٢٥) ، والبيهقي (٦ / ١٠٠) من حديث أبي حميد الساعدي، وقال ابن حجر في التلخيص (٣ / ٤٦) : وحديث أبي حميد أصح ما في الباب.