للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} (١) وَلِمَا رُوِيَ أَنَّ رَجُلاً ظَاهَرَ مِنِ امْرَأَتِهِ ثُمَّ وَاقَعَهَا قَبْل أَنْ يُكَفِّرَ، فَسَأَل النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ ذَلِكَ؟ فَقَال صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اسْتَغْفِرِ اللَّهَ وَلاَ تَعُدْ حَتَّى تُكَفِّرَ (٢)

أَمَرَهُ بِالاِسْتِغْفَارِ مِنَ الْوِقَاعِ، وَهُوَ إِنَّمَا يَكُونُ مِنَ الذَّنْبِ، فَدَل هَذَا عَلَى حُرْمَةِ الْوَطْءِ قَبْل التَّكْفِيرِ، كَمَا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَاهُ عَنِ الْعَوْدِ إِلَى الْوِقَاعِ حَتَّى يُكَفِّرَ، وَمُطْلَقُ النَّهْيِ يَدُل عَلَى تَحْرِيمِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، فَيَكُونُ دَلِيلاً عَلَى حُرْمَةِ الْوِقَاعِ قَبْل التَّكْفِيرِ، وَكَذَلِكَ يَحْرُمُ عَلَيْهَا تَمْكِينُهُ مِنْ نَفْسِهَا قَبْل ذَلِكَ (٣) .

وَأَمَّا حُرْمَةُ دَوَاعِي الْوَطْءِ فَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ وَأَكْثَرِ الْمَالِكِيَّةِ وَإِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ، (٤) وَذَلِكَ لِقَوْل اللَّهِ تَعَالَى: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْل أَنْ يَتَمَاسَّا} فَإِنَّهُ أَمَرَ الْمُظَاهِرَ بِالْكَفَّارَةِ قَبْل " التَّمَاسِّ " وَالتَّمَاسُّ


(١) سورة المجادلة / ٣.
(٢) حديث: " أن رجلا ظاهر من امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر. . ". أخرجه أبو داود (٢ / ٦٦٦) والترمذي (٣ / ٤٩٤) من حديث ابن عباس، وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح، وذكر الزيلعي في نصب الراية (٣ / ٢٤٦ - ٢٤٧) طرق الحديث، ثم قال: ولم أجد ذكر الاستغفار في شيء من طرق الحديث.
(٣) البدائع ٣ / ٢٣٤، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٤٧، والشرح الكبير ٢ / ٤٤٥، ومغني المحتاج ٣ / ٣٥٧، وحاشية ابن عابدين ٢ / ٥٩١.
(٤) البدائع ٢ / ٢٣٤، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي ٢ / ٤٤٥، والمغني لابن قدامة ٧ / ٣٤٨.